اللواط قولان أصحهما عليه حد الزنا إن كان محصناً يرجم وإن لم يكن محصناً يجلد مائة ويغرب عاماً وثانيهما يقتل الفاعل والمفعول به سواء كان محصناً أو لم يكن محصناً لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) ثم في كيفية قتله أوجه أحدها تحز رقبته كالمرتد وثانيها يرجم بالحجارة وهو قول مالك وأحمد وإسحق وثالثها يهدم عليه جدار يروى ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورابعها يرمى من شاهق جبل حتى يموت يروى ذلك عن علي عليه السلام وإنما ذكروا هذه الوجوه لأن الله تعالى عذب قوم لوط بكل ذلك فقال تعالى فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَة ً مّن سِجّيلٍ ( هود ٨٢ ) وعند أبي حنيفة رحمه الله لا يحد اللوطي بل يعذر أما المفعول به فإن كان عاقلاً بالغاً طائعاً فإن قلنا على الفاعل القتل فيقتل المفعول به على صفة قتل الفاعل للخبر وإن قلنا على الفاعل حد الزنا فعلى المفعول به مائة جلدة وتغريب عام محصناً كان أو غير محصن وقيل إن كانت امرأة محصنة فعليها الرجم وليس بصحيح لأنها لا تصير محصنة بالتمكين في الدبر فلا يلزمها حد المحصنات كما لو كان المفعول به ذكر حجة الشافعي رحمه الله على وجوب الحد من وجوه الأول أن اللواط إما أن يساوي الزنا في الماهية أو يساويه في لوازم هذه الماهية وإذا كان كذلك وجب الحد بيان الأول قوله عليه الصلاة والسلام ( إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ) فاللفظ دل على كون اللائط زانياً واللفظ الدال بالمطابقة على ماهية دال بالالتزام على حصول جميع لوازمها ودلالة المطابقة والالتزام مشتركان في أصل الدلالة فاللفظ الدال على حصول الزنا دال على حصول جميع اللوازم ثم بعد هذا إن تحقق مسمى الزنا في اللواط دخل تحت قوله الزَّانِيَة ُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُواْ وإن لم يتحقق مسمى الزنا وجب أن يتحقق لوازم مسمى الزنا لما ثبت أن اللفظ الدال على تحقق ماهية دال على تحقق جميع تلك اللوازم ترك العمل به في حق الماهية فوجب أن يبقى معمولاً به في الدلالة على جميع تلك اللوازم لكن من لوازم الزنا وجوب الحد فوجب أن يتحقق ذلك في اللواط أكثر ما في الباب أنه ترك العمل بذلك في قوله عليه الصلاة والسلام ( إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان ) لكن لا يلزم من ترك العمل هناك تركه ههنا الثاني أن اللائط يجب قتله فوجب أن يقتل رجماً بيان الأول قوله عليه السلام ( من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل منهما والمفعول به ) وبيان الثاني أنه لما وجب قتله وجب أن يكون زانياً وإلا لما جاز قتله لقوله عليه السلام ( لا يحل دم امرىء مسلم إلا لإحدى ثلاث ) وههنا لم يوجد كفر بعد إيمان ولا قتل نفس بغير حق فلو لم يوجد الزنا بعد الإحصان لوجب أن لا يقتل وإذا ثبت أنه وجد الزنا بعد الإحصان وجب الرجم لهذا الحديث الثالث نقيس اللواط على الزنا والجامع أن الطبع داع إليه لما فيه من الالتذاذ وهو قبيح فيناسب الزجر والحد يصلح زاجراً عنه قالوا والفرق من وجهين أحدهما أنه وجد في الزنا داعيات فكان وقوعه أكثر فساداً فكانت الحاجة إلى الزاجر أتم الثاني أن الزنا يقتضي فساد الأنساب والجواب إلغاؤهما بوطء العجوز الشوهاء واحتج أبو حنيفة رحمه الله بوجوه أحدها اللواط ليس بزنا على ما تقدم فوجب أن لا


الصفحة التالية
Icon