الإسلام حصلت بكسب العبد فيصير ذلك كالخدمة الزائدة وزيادة الخدمة إن لم تكن سبباً للعذر فلا أقل من أن لا تكون سبباً لزيادة العقوبة وعن الثاني لا نسلم أن الذمي مشرك سلمناه لكن الإحصان قد يراد به التزوج لقوله تعالى وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ( النور ٤٠ ) وفي التفسير فَإِذَا أُحْصِنَّ ( النساء ٢٥ ) يعني فإذا تزوجن إذا ثبت هذا فنقول الذمي الثيب محصن بهذا التفسير فوجب رجمه لقوله ( ﷺ ) أو زنا بعد إحصان رتب الحكم في حق المسلم على هذا الوصف فدل على كون الوصف علة والوصف قائم في حق الذمي فوجب كونه مستلزماً للحكم بالرجم وعن الثالث أن حد القذف لدفع العار كرامة للمقذوف والكافر لا يكون محلاً للكرامة وصيانة العرض بخلاف ما ههنا والله أعلم أما ما يتعلق بالجلد ففيه مسائل
المسألة الأولى اتفقوا على أن الرقيق لا يرجم واتفقوا على أنه يجلد وثبت بنص الكتاب أن على الإماء نصف ما على المحصنات من العذاب فلا جرم اتفقوا على أن الأمة تجلد خمسين جلدة أما العبد فقد اتفق الجمهور على أنه يجلد أيضاً خمسين إلا أهل الظاهر فإنهم قالوا عموم قوله الزَّانِيَة ُ وَالزَّانِى يقتضي وجوب المائة على العبد والأمة إلا أنه ورد النص بالتنصيف في حق الأمة فلو قسنا العبد عليها كان ذلك تخصيصاً لعموم الكتاب بالقياس وأنه غير جائز ومنهم من قال الأمة إذا تزوجت فعليها خمسون جلدة وإذا لم تتزوج فعليها المائة لظاهر قوله تعالى فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَة َ جَلْدَة ٍ وذكروا أن قوله فَإِذَا أُحْصِنَّ أي تزوجن فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ( النساء ٢٥ )
المسألة الثانية قال الشافعي وأبو حنيفة رحمهما الله الذمي يجلد وقال مالك رحمه الله لا يجلد لنا وجوه أحدها عموم قوله الزَّانِيَة ُ وَالزَّانِى وثانيها قوله عليه السلام ( إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ) وقوله ( أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ) ولم يفرق بين الذمي والمسلم وثالثها أنه عليه السلام رجم اليهوديين فذاك الرجم إن من كان من شرع محمد ( ﷺ ) فقد حصل المقصود وإن كان من شرعهم فلما فعله الرسول ( ﷺ ) صار ذلك من شرعه وحقيقة هذه المسألة ترجع إلى أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع
البحث الرابع فيما يدل على صدور الزنا منه اعلم أن ذلك لا يحصل إلا من أحد ثلاثة أوجه إما بأن يراه الإمام بنفسه أو بأن يقر أو بأن يشهد عليه الشهود أما الوجه الأول وهو ما إذا رآه الإمام قال الإمام محيي السنة في كتاب التهذيب لا خلاف أن على القاضي أن يمتنع عن القضاء بعلم نفسه مثل ما إذا ادعى رجل على آخر حقاً وأقام عليه بينة والقاضي يعلم أنه قد أبرأه أو ادعى أنه قتل أباه وقت كذا وقد رآه القاضي حياً بعد ذلك أو ادعى نكاح امرأة وقد سمعه القاضي طلقها لا يجوز أن يقضي به وإن أقام عليه شهوداً وهل يجوز للقاضي أن يقضي بعلم نفسه مثل أن ادعى عليه ألفاً وقد رآه القاضي أقرضه أو سمع المدعي عليه أقربه فيه قولان أصحهما وبه قال أبو يوسف ومحمد والمزني رحمهم الله أنه يجوز له أن يقضي بعلمه لأنه لما جاز له أن يحكم بشهادة الشهود وهو من قولهم على ظن فلأن يجوز بما رآه وسمعه وهو منه على علم أولى قال الشافعي رحمه الله في كتاب الرسالة أقضي بعلمي وهو أقوى من شاهدين أو بشاهدين وشاهد وامرأتين وهو أقوى من شاهد ويمين أو بشاهد ويمين وهو أقوى من النكول ورد اليمين
والقول الثاني لا يقضي بعلمه وهو قول ابن أبي ليلى لأن انتفاء التهمة شرط في القضاء ولم يوجد هذا في المال أما في العقوبات فينظر إن كان ذلك من حقوق العباد كالقصاص وحد القذف هل يحكم فيه


الصفحة التالية
Icon