عائشة رضي الله عنها أنها قالت لذكوان ( إنك إذا وضعتني في القبر وخرجت فأنت حر وروي أن عائشة رضي الله عنها كانت تمتشط والعبد ينظر إليها وقال ابن مسعود ومجاهد والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم إن العبد لا ينظر إلى شعر مولاته وهو قول أبي حنيفة رحمه الله واحتجوا عليه بأمور أحدها قوله عليه الصلاة والسلام ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً فوق ثلاث إلا مع ذي محرم ) والعبد ليس بذي محرم منها فلا يجوز أن يسافر بها وإذا لم يجز له السفر بها لم يجز له النظر إلى شعرها كالحر الأجنبي وثانيها أن ملكها للعبد لا يحلل ما يحرم عليه قبل الملك إذ ملك النساء للرجال ليس كملك الرجال للنساء فإنهم لم يختلفوا في أنها لا تستبيح بملك العبد منه شيئاً من التمتع كما يملكه الرجل من الأمة وثالثها أن العبد وإن لم يجز له أن يتزوج بمولاته إلا أن ذلك التحريم عارض كمن عنده أربع نسوة فإنه لا يجوز له التزوج بغيرهن فلما لم تكن هذه الحرمة مؤبدة كان العبد بمنزلة سائر الأجانب إذا ثبت هذا ظهر أن المراد من قوله أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ الإماء فإن قيل الإماء دخلن في قوله نِسَائِهِنَّ فأي فائدة في الإعادة قلنا الظاهر أنه عنى بنسائهن وما ملكت أيمانهن من في صحبتهن من الحرائر والإماء وبيانه أنه سبحانه ذكر أولاً أحوال الرجال بقوله وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ إلى آخر ما ذكر فجاز أن يظن ظان أن الرجال مخصوصون بذلك إذ كانوا ذوي المحارم أو غير ذات المحارم ثم عطف على ذلك الإماء بقوله أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ لئلا يظن أن الإباحة مقصورة على الحرائر من النساء إذ كان ظاهر قوله أَوْ نِسَائِهِنَّ يقتضي الحرائر دون الإماء كقوله شَهِيدَيْنِ مّن رّجَالِكُمْ ( البقرة ٢٨٢ ) على الأحرار لإضافتهم إلينا كذلك قوله أَوْ نِسَائِهِنَّ عَلَى أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَة ِ مِنَ الرّجَالِ وفيه مسائل
المسألة الأولى قيل هم الذين يتبعونكم لينالوا من فضل طعامكم ولا حاجة بهم إلى النساء لأنهم بله لا يعرفون من أمرهن شيئاً أو شيوخ صلحاء إذا كانوا معهن غضوا أبصارهم ومعلوم أن الخصى والعنين ومن شاكلهما قد لا يكون له إربة في نفس الجماع ويكون له إربة قوية فيما عداه من التمتع وذلك يمنع من أن يكون هو المراد فيجب أن يحمل المراد على من المعلوم منه إنه لا إربة له في سائر وجوه التمتع إما لفقد الشهوة وإما لفقد المعرفة وإما للفقر والمسكنة فعلى هذه الوجوه الثلاثة اختلف العلماء فقال بعضهم هم الفقراء الذين بهم الفاقة وقال بعضهم المعتوه والأبله والصبي وقال بعضهم الشيخ وسائر من لا شهوة له ولا يمتنع دخول الكل في ذلك وروى هشام بن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة ( أن النبي ( ﷺ ) دخل عليها وعندها مخنث فأقبل على أخي أم سلمة فقال يا عبد الله إن فتح الله لكم غداً الطائف دللتك على بنت غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان ) فقال عليه الصلاة والسلام ( لا يدخلن عليكم هذا ) فأباح النبي عليه الصلاة والسلام دخول المخنث عليهن حين ظن أنه من غير أولى الإربة فلما علم أنه يعرف أحوال النساء وأوصافهن علم أنه من أولى الإربة فحجبه وفي الخصى والمجبوب ثلاثة أوجه أحدها استباحة الزينة الباطنة معهما والثاني تحريمها عليهما والثالثة تحريمها على الخصى دون المجبوب