قال إذا صلى وقال النخعي وفاء وصدقاً وقال الحسن صلاحاً في الدين ورابعها قال الشافعي رحمه الله المراد بالخير الأمانة والقوة على الكسب لأن مقصود الكتابة قلما يحصل إلا بهما فإنه ينبغي أن يكون كسوباً يحصل المال ويكون أميناً يصرفه في نجومه ولا يضيعه فإذا فقد الشرطان أو أحدهما لا يستحب أن يكاتبه والأقرب أنه لا يجوز حمله على المال لوجهين الأول أن المفهوم من كلام الناس إذا قالوا فلان فيه خير إنما يريدون به الصلاح في الدين ولو أراد المال لقال إن علمتم لهم خيراً لأنه إنما يقال لفلان مال ولا يقال فيه مال الثاني أن العبد لا مال له بل المال لسيده فالأولى أن يحمل على ما يعود على كتابته بالتمام وهو الذي ذكره الشافعي رحمه الله وهو أن يتمكن من الكسب ويوثق به بحفظ ذلك لأن كل ذلك مما يعود على كتابته بالتمام ودخل فيه تفسير النبي ( ﷺ ) الخير لأنه عليه الصلاة والسلام فسره بالكسب وهو داخل في تفسير الشافعي رحمه الله
أما قوله وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى ففيه مسألتان
المسألة الأولى اختلفوا في المخاطب بقوله وَءاتُوهُم على وجوه أحدها أنه هو المولى يحط عنه جزءاً من مال الكتابة أو يدفع إليه جزءاً مما أخذ منه وهؤلاء اختلفوا في قدره فمنهم من جعل الخيار له وقال يجب أن يحط قدراً يقع به الاستغناء وذلك يختلف بكثرة المال وقلته ومنهم من قال يحط ربع المال روى عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن أنه كاتب غلاماً له فترك له ربع مكاتبته وقال إن علياً كان يأمرنا بذلك ويقول وهو قول الله تعالى وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى فإن لم يفعل فالسبع لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كاتب عبداً له بخمس وثلاثين ألفاً ووضع عنه خمسة آلاف ويروى أن عمر كاتب عبداً له فجاء بنجمه فقال له اذهب فاستعن به على أداء مال الكتابة فقال المكاتب لو تركته إلى آخر نجم فقال إني أخاف أن لا أدرك ذلك ثم قرأ هذه الآية وكان ابن عمر يؤخره إلى آخر النجوم مخافة أن يعجز وثانيها المراد وآتوهم سهمهم الذي جعله الله لهم من الصدقات في قوله وَفِي الرّقَابِ وعلى هذا فالخطاب لغير السادة وهو قول الحسن والنخعي ورواية عطاء عن ابن عباس وأجمعوا على أنه لا يجوز للسيد أن يدفع صدقته المفروضة إلى مكاتب نفسه وثالثها أن هذا أمر من الله تعالى للسادة والناس أن يعينوا المكاتب على كتابته بما يمكنهم وهذا قول الكلبي وعكرمة والمقاتلين والنخعي وقال عليه الصلاة والسلام ( من أعان مكاتباً على فك رقبته أظله الله تعالى في ظل عرشه ) وروي أن رجلاً قال للنبي ( ﷺ ) علمني عملاً يدخلني الجنة قال ( لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعظمت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة فقال أليسا واحداً فقال لا عتق النسمة أن تنفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ) قالوا ويؤكد هذا القول وجوه أحدها أنه أمر بإعطائه من مال الله تعالى وما أطلق عليه هذه الإضافة فهو ما كان سبيله الصدقة وصرفه في وجوه القرب وثانيها أن قوله مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ هو الذي قد صح ملكه للمالك وأمر بإخراج بعضه ومال الكتابة ليس بدين صحيح لأنه على عبده والمولى لا يثبت له على عبده دين صحيح وثالثها أن ما آتاه الله فهو الذي يحصل في يده ويمكنه التصرف فيه وما سقط عقيب العقد لم يحصل له عليه يد ملك فلا يستحق الصفة بأنه من مال الله الذي آتاه فإن قيل ههنا وجهان يقدحان في صحة هذا التأويل أحدهما أنه كيف يحل لمولاه إذا كان غيناً أن يأخذ من مال الصدقة والثاني أن قوله وَءاتُوهُم معطوف على قوله فَكَاتِبُوهُمْ فيجب أن يكون المخاطب في الموضعين واحداً وعلى هذا التأويل يكون المخاطب