( النساء ١٠١ ) والقصر لا يختص بحال الخوف ولكنه سبحانه أجراه على سبيل الغالب فكذا ههنا والجواب الثالث معناه إذا أردن تحصناً لأن القصة التي وردت الآية فيها كانت كذلك على ما روينا أن جارية عبدالله بن أبي أسلمت وامتنعت عليه طلباً للعفاف فأكرهها فنزلت الآية موافقة لذلك نظيره قوله تعالى وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ( البقرة ٢٣ ) أي وإذا كنتم في ريب
المسألة السادسة أنه تعالى لما منع من إكراههن على الزنا ففيه ما يدل على أن لهم إكراههن على النكاح فليس لها أن تمتنع على السيد إذا زوجها بل له أن يكرهها على ذلك وهذه الدلالة دلالة دليل الخطاب
أما قوله إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً أي تعففاً لّتَبْتَغُواْ عَرَضَ الْحَيَواة ِ الدُّنْيَا يعني كسبهن وأولادهن
أما قوله وَمَن يُكْرِههُنَّ فِإِنَّ اللَّهِ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ فاعلم أنه ليس في الآية ( بيان ) أنه تعالى غفور رحيم للمكره أو للمكرهة لا جرم ذكروا فيه وجهين أحدهما فإن الله غفور رحيم بهن لأن الإكراه أزال الأثم والعقوبة لأن الإكراه عذر للمكرهة أما المكره فلا عذر له فيما فعل الثاني المراد فإن الله غفور رحيم بالمكره بشرط التوبة وهذا ضعيف لأن على التفسير الأول لا حاجة إلى هذا الإضمار وعلى التفسير الثاني يحتاج إليه
وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ ءَايَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَة ً لِّلْمُتَّقِينَ
اعلم أنه سبحانه لما ذكر في هذه السورة هذه الأحكام وصف القرآن بصفات ثلاثة أحدها قوله وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ ءايَاتٍ مُّبَيّنَاتٍ أي مفصلات وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم مبينات بكسر الياء على معنى أنها تبين للناس كما قال بِلِسَانٍ عَرَبِى ّ مُّبِينٍ ( الشعراء ١٩ ) أو تكون من بين بمعنى تبين ومنه المثل قد بين الصبح لذي عينين وثانيها قوله وَمَثَلاً مّنَ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُمْ وفيه وجهان أحدهما أنه تعالى يريد بالمثل ما ذكر في التوراة والإنجيل من إقامة الحدود فأنزل في القرآن مثله وهو قول الضحاك والثاني قوله وَمَثَلاً أي شبهاً من حالهم بحالكم في تكذيب الرسل يعني بينا لكم ما أحللنا بهم من العقاب لتمردهم على الله تعالى فجعلنا ذلك مثلاً لكم لتعلموا أنكم إذا شاركتموهم في المعصية كنتم مثلهم في استحقاق العقاب وهو قول مقاتل وثالثها قوله وَمَوْعِظَة ً لّلْمُتَّقِينَ والمراد به الوعيد والتحذير من فعل المعاصي ولا شبهة في أنه موعظة للكل لكنه تعالى خص المتقين بالذكر للعلة التي ذكرناها في قوله هُدًى لّلْمُتَّقِينَ وههنا آخر الكلام في الأحكام
القول في الإلهيات
اعلم أنه تعالى ذكر مثلين أحدهما في بيان أن دلائل الإيمان في غاية الظهور الثاني في بيان أن


الصفحة التالية
Icon