وهذا المصباح إنما توقد من شجرة مباركة وهي إلهامات الملائكة لقوله تعالى يُنَزّلُ الْمَلَائِكَة َ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ( النحل ٢ ) وقوله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ عَلَى قَلْبِكَ ( الشعراء ١٩٣ ) وإنما شبه الملائكة بالشجرة المباركة لكثرة منافعهم وإنما وصفها بأنها لا شرقية ولا غربية لأنها روحانية وإنما وصفهم بقوله يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ لكثرة علومها وشدة إطلاعها على أسرار ملكوت الله تعالى والظاهر ههنا أن المشبه غير المشبه به وثامنها قال مقاتل مثل نوره أي مثل نور الإيمان في قلب محمد ( ﷺ ) كمشكاة فيها مصباح فالمشكاة نظير صلب عبدالله والزجاجة نظير جسد محمد ( ﷺ ) والمصباح نظير الإيمان في قلب محمد أو نظير النبوة في قلبه وتاسعها قال قوم المشكاة نظير إبراهيم عليه السلام والزجاجة نظير إسماعيل عليه السلام والمصباح نظير جسد محمد ( ﷺ ) والشجرة النبوة والرسالة وعاشرها أن قوله مثل نوره يرجع إلى المؤمن وهو قول أبي بن كعب وكان يقرأها مثل نور المؤمن وهو قول سعيد بن جبير والضحاك واعلم أن القول الأول هو المختار لأنه تعالى ذكر قبل هذه الآية وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ ءايَاتٍ مُّبَيّنَاتٍ فإذا كان المراد بقوله مَثَلُ نُورِهِ أي مثل هذه وبيانه كان ذلك مطابقاً لما قبله ولأن لما فسرنا قوله اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ بأنه هادي أهل السموات والأرض فإذا فسرنا قوله مَثَلُ نُورِهِ بأن المراد مثل هداه كان ذلك مطابقاً لما قبله
الفصل الرابع في بقية المباحث المتعلقة بهذه الآية
وفيه مسائل
المسألة الأولى المشكاة الكوة في الجدار غير النافذة هذا هو القول المشهور وذكروا فيه وجوهاً أخر أحدها قال ابن عباس وأبو موسى الأشعري المشكاة القائم الذي في وسط القنديل الذي يدخل فيه الفتيلة وهو قول مجاهد والقرظي والثاني قال الزجاج هي ههنا قصبة القنديل من الزجاجة التي توضع فيها الفتيلة الثالث قال الضحاك إنها الحلقة التي يعلق بها القنديل والأول هو الأصح
المسألة الثانية زعموا أن المشكاة هي الكوة بلغة الحبشة قال الزجاج المشكاة من كلام العرب ومثلها المشكاة وهي الدقيق الصغير
المسألة الثالثة قال بعضهم هذه الآية من المقلوب والتقدير مثل نوره كمصباح في مشكاة لأن المشبه به هو الذي يكون معدناً للنور ومنبعاً له وذلك هو المصباح لا المشكاة
المسألة الرابعة المصباح السراج وأصله من الضوء ومنه الصبح
المسألة الخامسة قرىء زُجَاجَة ٍ الزجاجة بالضم والفتح والكسر أما دُرّى ٌّ فقرىء بضم الدال وكسرها وفتحها أما الضم ففيه ثلاثة أوجه الأول ضم الدال وتشديد الراء والياء من غير همز وهو القراءة المعروفة ومعناه أنه يشبه الدر لصفائه ولمعانه وقال عليه الصلاة والسلام ( إنكم لترون أهل الدرجات العلى كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء ) الثاني أنه كذلك إلا أنه بالمد والهمزة وهو قراءة حمزة وعاصم


الصفحة التالية
Icon