كالسفينة تضربها الأمواج أو كالقنديل المعلق ترجرجه الرياح ) وقال مقاتل وابن زيد هذا في أول يوم من أيام الآخرة واعلم أنه ليس في اللفظ دلالة على شيء من هذه الأقسام لأن هذه الإضافة تصح وإن كانت الزلزلة قبلها وتكون من أماراتها وأشراطها وتصح إذا كانت فيها ومعها كقولنا آيات الساعة وأمارات الساعة
المسألة الثالثة روى ( أن هاتين الآيتين نزلتا بالليل والناس يسيرون فنادى رسول الله ( ﷺ ) فاجتمع الناس حوله فقرأهما عليهم فلم ير باكياً أكثر من تلك الليلة فلما أصبحوا لم يحطوا السرج ولم يضربوا الخيام ولم يطبخوا القدور والناس بين باك وجالس حزين متفكر فقال عليه السلام ( أتدرون أي ذلك اليوم هو قالوا الله ورسوله أعلم قال ذلك يوم يقول الله لآدم عليه السلام قم فابعث بعث النار من ولدك فيقول آدم وما بعث النار يعني من كم كم فيقول الله عز وجل من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة فعند ذلك يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى فكبر ذلك على المؤمنين وبكوا وقالوا فمن ينجو يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام أبشروا وسددوا وقاربوا فإن معكم خليقتين ما كانا في قوم إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا وحمدوا الله ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة إن أهل الجنة مائة وعشرون صفاً ثمانون منها أمتي وما المسلمون في الكفار إلا كالشامة في جنب البعير أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود ثم قال ويدخل من أمتي سبعون ألفاً إلى الجنة بغير حساب فقال عمر سبعون ألفاً قال نعم ومع كل واحد سبعون ألفاً فقام عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم فقام رجل من الأنصار فقال مثل قوله فقال سبقك بها عكاشة ) فخاض الناس في السبعين ألفاً فقال بعضهم هم الذين ولدوا على الإسلام وقال بعضهم هم الذين آمنوا وجاهدوا مع رسول الله ( ﷺ ) فأخبروا رسول الله ( ﷺ ) بما قالوا فقال ( هم الذين لا يكتوون ولا يكوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون )
المسألة الرابعة أنه سبحانه أمر الناس بالتقوى ثم علل وجوبها عليهم بذكر الساعة ووصفها بأهول صفة والمعنى أن التقوى تقتضي دفع مثل هذا الضرر العظيم عن النفس ودفع الضرر عن النفس معلوم الوجوب فيلزم أن تكون التقوى واجبة
المسألة الخامسة احتجت المعتزلة بقوله تعالى إِنَّ زَلْزَلَة َ السَّاعَة ِ شَى ْء عَظِيمٌ وصفها بأنها شيء مع أنها معدومة واحتجوا أيضاً بقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَى ْء قَدِيرٌ ( البقرة ٢٠ ) فالشيء الذي قدر الله عليه إما أن يكون موجوداً أو معدوماً والأول محال وإلا لزم كون القادر قادراً على إيجاد الموجود وإذا بطل هذا ثبت أن الشيء الذي قدر الله عليه معدوم فالمعدوم شيء واحتجوا أيضاً بقوله تعالى وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَى ْء إِنّى فَاعِلٌ ذالِكَ غَداً ( الكهف ٢٣ ) أطلق اسم الشيء في الحال على ما يصير مفعولاً غداً والذي يصير مفعولاً غداً يكون معدوماً في الحال فالمعدوم شيء والله أعلم والجواب عن الأول أن الزلزلة عبارة عن الأجسام المتحركة وهي جواهر قامت بها أعراض وتحقق ذلك في المعدوم محال فالزلزلة يستحيل أن تكون شيئاً حال عدمها فلا بد من التأويل بالاتفاق ويكون المعنى أنها إذا وجدت صارت شيئاً وهذا هو الجواب عن البواقي
المسألة السادسة وصف الله تعالى الزلزلة بالعظيم ولا عظيم أعظم مما عظمه الله تعالى أما قوله


الصفحة التالية
Icon