ألفه للتأنيث كعلباء وحرباء ومن فتح لم يصرفه لأن ألفه للتأنيث كصحراء وقيل هو جبل فلسطين وقيل بين مصر وأيلة ومنه نودي موسى عليه السلام وقرأ الأعمش سينا على القصر
أما قوله تعالى تَنبُتُ بِالدُّهْنِ فهو في موضع الحل أي تنبت وفيها الدهن كما يقال ركب الأمير بجنده أي ومعه الجند وقرىء تنبت وفيه وجهان أحدهما أن أنبت بمعنى نبت قال زهير ف رأيت ذوي لحاجات حول بيوتهم
قطيناً لهم حتى إذا أنبت البقل
والثاني أن مفعوله محذوف أي تنبت زيتونها وفيه الزيت قال المفسرون وإنما أضافها الله تعالى إلى هذا الجبل لأن منها تشعبت في البلاد وانتشرت ولأن معظمها هناك أما قوله وَصِبْغٍ لّلاكِلِيِنَ فعطف على الدهن أي إدام للآكلين والصبغ والصباغ ما يصطبغ به أي يصبغ به الخبز وجملة القول أنه سبحانه وتعالى نبه على إحسانه بهذه الشجرة لأنها تخرج هذه الثمرة التي يكثر بها الانتفاع وهي طرية ومدخرة وبأن تعصر فيظهر الزيت منها ويعظم وجوه الانتفاع به
النوع الرابع الاستدلال بأحوال الحيوانات
وَإِنَّ لَكُمْ فِى الاٌّ نْعَامِ لَعِبْرَة ً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِى بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَة ٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
إعلم أنه سبحانه وتعالى ذكر أن فيها عبرة مجملاً ثم أردفه بالتفصيل من أربعة أوجه أحدها قوله نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهَا والمراد منه جميع وجوه الانتفاع بألبانها ووجه الاعتبار فيه أنها تجتمع في الضروع وتتخلص من بين الفرث والدم بإذن الله تعالى فتستحيل إلى طهارة وإلى لون وطعم موافق للشهوة وتصير غذاء فمن استدل بذلك على قدرة الله وحكمته كان ذلك معدوداً في النعم الدينية ومن انتفع به فهو في نعمة الدنيا وأيضاً فهذه الألبان التي تخرج من بطونها إلى ضروعها تجدها شراباً طيباً وإذا ذبحتها لم تجد لها أثراً وذلك يدل على عظيم قدرة الله تعالى قال صاحب ( الكشاف ) وقرىء تسقيكم بتاء مفتوحة أي تسقيكم الأنعام وثانيها قوله وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَة ٌ وذلك بيعها والانتفاع بأثمانها وما يجري مجرى ذلك وثالثها قوله وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ يعني كما تنتفعون بها وهي حية تنتفعون بها بعد الذبح أيضاً بالأكل ورابعها قوله وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ لأن وجه الانتفاع بالإبل في المحمولات على البر بمنزلة الانتفاع بالفلك في البحر ولذلك جمع بين الوجهين في إنعامه لكي يشكر على ذلك ويستدل به واعلم أنه سبحانه وتعالى لما بين دلائل التوحيد أردفها بالقصص كما هو العادة في سائر السور وهي ههنا


الصفحة التالية
Icon