السحرة ظناً منهم بأنهم إذا كثروا غلبوه وكشفوا حاله وعارضوا قوله إِنَّ هَاذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ بقولهم بِكُلّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ فجاءوا بكلمة الإحاطة وبصيغة المبالغة ليطيبوا قلبه وليسكنوا بعض قلقه قال صاحب ( الكشاف ) فإن قلت قوله تعالى قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ ما العامل في ( حوله ) قلت هو منصوب نصبين نصب في اللفظ ونصب في المحل والعامل في النصب اللفظي ما يقدر في الظرف والعامل في النصب المحلي هو النصب على الحال
فَجُمِعَ السَّحَرَة ُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَة َ إِن كَانُواْ هُمُ الْغَالِبِينَ فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَة ُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لاّجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى اليوم المعلوم يوم الزينة وميقاته وقت الضحى لأنه الوقت الذي وقته لهم موسى عليه السلام من يوم الزينة في قوله مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزّينَة ِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ( طه ٥٩ ) والميقات ما وقت به أي حدد من مكان وزمان ومنه مواقيت الإحرام
المسألة الثانية اعلم أن القوم لما أشاروا بتأخير أمره وبأن يجمع له السحرة ليظهر عند حضورهم فساد قول موسى عليه السلام رضي فرعون بما قالوه وعمي عما شاهده وحب الشيء يعمي ويصم فجمع السحرة ثم أراد أن تقع تلك المناظرة يوم عيد لهم ليكون ذلك بمحضر الخلق العظيم وكان موسى عليه السلام يطلب ذلك لتظهر حجته عليهم عند الخلق العظيم وكان هذا أيضاً من لطف الله تعالى في ظهور أمر موسى عليه السلام
أما قوله وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ فالمراد أنهم بعثوا على الحضور ليشاهدوا ما يكون من الجانبين
وأما قوله لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَة َ فالمراد إنا نرجو أن يكون الغلبة لهم فنتبعهم فلما جاء السحرة ابتدأوا بطلب الجزاء وهو إما المال وإما الجاه فبذل لهم ذلك وأكده بقوله وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ لأن نهاية مطلوبهم منه البذل ورفع المنزلة فبذل كلا الأمرين
قَالَ لَهُمْ مُّوسَى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّة ِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِى َ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَأُلْقِى َ السَّحَرَة ُ سَاجِدِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ


الصفحة التالية
Icon