فلا جرم ابتدأ بذكر السماويات ثم بالأرضيات
أما قوله اللَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ فالمراد منه أنه سبحانه لما بين افتقار السموات والأرض وما بينهما إلى المدبر ذكر بعد ذلك أن ما هو أعظم الأجسام فهي مخلوقة ومربوبة وذلك يدل على أنه سبحانه هو المنتهى في القدرة والربوبية إلى ما لا يزيد عليه والله أعلم
المسألة الرابعة قيل من أَحَطتُ إلى الْعَظِيمِ كلام الهدهد وقيل كلام رب العزة
المسألة الخامسة الحق أن سجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعاً وهو قول الشافعي وأبي حنيفة رحمة الله عليهما لأنهم أجمعوا على أن سجدات القرآن أربع عشرة سجدة وهذا واحد منها ولأن مواضع السجدة إما أمر بها أو مدح لمن أتى بها أو ذم لمن تركها وإحدى القراءتين أمر بالسجود والأخرى ذم للتارك فثبت أن الذي ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد غير ملتفت إليه
المسألة السادسة يقال هل يفرق الواقف بين القراءتين جوابه نعم إذا خفف وقف على فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ ( النمل ٢٤ ) ثم ابتدأ بألا يسجدوا وإن شاء وقف على ألا يا ثم ابتدأ اسجدوا وإذا شدد لم يقف إلا على ( العرش العظيم )
أما قوله سَنَنظُرُ فمن النظر الذي هو التأمل وأراد صدقت أم كذبت إلا أن أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ أبلغ لأنه إذا كان معروفاً بالكذب كان متهماً بالكذب فيما أخبر به فلم يوثق به وإنما قال فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ على لفظ الجمع لأنه قال وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ ( النمل ٢٤ ) فقال فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ أي إلى الذين هذا دينهم
أما قوله ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ أي تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه ليكون ما يقولونه بمسمع منك و يَرْجِعُونَ من قوله تعالى يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ ( سبأ ٣٠ ) ويقال دخل عليها من كوة وألقى إليها الكتاب وتوارى في الكوة
قَالَتْ ياأَيُّهَا الْمَلأُ إِنَّى أُلْقِى َ إِلَى َّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَى َّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ قَالَتْ ياأَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِى فِى أَمْرِى مَا كُنتُ قَاطِعَة ً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُواْ قُوَّة ٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالاٌّ مْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ
اعلم أن قوله قَالَتْ ياأَيُّهَا أَيُّهَا الْمَلا إِنّى أُلْقِى َ إِلَى َّ كِتَابٌ كَرِيمٌ بمعنى أن يقال إن الهدهد ألقى إليها الكتاب فهو محذوف كأنه ثابت روي أنها كانت إذا رقدت غلقت الأبواب ووضعت المفاتيح تحت رأسها فدخل من كوة وطرح الكتاب على نحرها وهي مستلقية وقيل نقرها فانتبهت فزعة


الصفحة التالية
Icon