الحرام ) وقيل تخرج من الصفا فتكلمهم بالعربية وخامسها في عدد خروجها فروي أنها تخرج ثلاث مرات تخرج بأقصى اليمن ثم تكمن ثم تخرج بالبادية ثم تكمن دهراً طويلاً فبينا الناس في أعظم المساجد حرمة وأكرمها على الله فما يهولهم إلا خروجها من بين الركن حذاء دار بني مخزوم عن يمين الخارج من المسجد فقوم يهربون وقوم يقفون ( نظارة )
واعلم أنه لا دلالة في الكتاب على شيء من هذه الأمور فإن صح الخبر فيه عن الرسول ( ﷺ ) قبل وإلا لم يلتفت إليه
أما قوله تعالى وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم فالمراد من القول متعلقه وهو ما وعدوا به من قيام الساعة ووقوعه حصوله والمراد مشارفة الساعة وظهور أشراطها أما دابة الأرض فقد عرفتها
وأما قوله تُكَلّمُهُمْ فقرىء ( تكْلِمهم ) من الكلم وهو الجرح روي أن الدابة تخرج من الصفا ومعها عصا موسى عليه السلام وخاتم سليمان فتضرب المؤمن بين عينيه بعصا موسى عليه السلام فتنكت نكتة بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه وتنكت الكافر في أنفه فتفشو النكتة حتى يسود لها وجهه واعلم أنه يجوز أن يكون تكلمهم من الكلم أيضاً على معنى التكثير يقال فلان مكلم أي مجرح وقرأ أبي ( تنبئهم ) وقرأ ابن مسعود تكلمهم بأن الناس والقراءة بإن مكسورة حكاية لقول الدابة ذلك أو هي حكاية لقول الله تعالى بين به أنه أخرج الدابة لهذه العلة فإن قيل إذا كانت حكاية لقول الدابة فكيف يقول ( بآياتنا ) جوابه أن قولها حكاية لقول الله تعالى أو على معنى بآيات ربنا أو لاختصاصها بالله تعالى أضافت آيات الله إلى نفسها كما يقال بعض خاصة الملك خيلنا وبلادنا وإنما هي خيل مولاه وبلاده ومن قرأ بالفتح فعلى حذف الجار أي تكلمهم بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون
وأما قوله وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمَّة ٍ فَوْجاً مّمَّن يُكَذّبُ بِئَايَاتِنَا فاعلم أن هذا من الأمور الواقعة بعد قيام القيامة فالفرق بين من الأولى والثانية أن الأولى للتبعيض والثانية للتبيين كقوله مِنَ الاْوْثَانِ ( الحج ٣٠ )
أما قوله فَهُمْ يُوزَعُونَ معناه يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا فيكبكبوا في النار وهذه عبارة عن كثرة العدد وتباعد أطرافه كما وصفت جنود سليمان بذلك وقوله حَتَّى إِذَا جَاءوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِئَايَاتِى فهذا وإن احتمل معجزات الرسل كما قاله بعضهم فالمراد كل الآيات فيدخل فيه سائر الكفار الذين كذبوا بآيات الله أجمع أو بشيء منها
أما قوله وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً فالواو للحال كأنه قال أكذبتم بها بادي الرأي من غير فكر ولا نظر يؤدي إلى إحاطة العلم بكنهها
أما قوله بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فالمراد لما لم تشتغلوا بذلك العمل المهم فأي شيء كنتم تعملونه بعد ذلك ا كأنه قال كل عمل سواه فكأنه ليس بعمل ثم قال وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم يريد أن العذاب الموعود يغشاهم بسبب تكذيبهم بآيات الله فيشغلهم عن النطق والاعتذار كقوله هَاذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ ( المرسلات ٣٥ ) ثم إنه سبحانه بعد أن خوفهم بأحوال القيامة ذكر كلاماً يصلح أن يكون دليلاً على التوحيد وعلى الحشر وعلى النبوة مبالغة في الإرشاد إلى الإيمان والمنع من الكفر فقال أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً


الصفحة التالية
Icon