أما قوله وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة ً أي متقدمين في الدنيا والدين وعن مجاهد دعاة إلى الخير وعن قتادة ولاة كقوله وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً ( المائدة ٢٠ ) وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ يعني لملك فرعون وأرضه وما في يده
أما قوله وَنُمَكّنَ لَهُمْ فِى الاْرْضِ فاعلم أنه يقال مكن له إذا جعل له مكاناً يقعد عليه ( أو يرقد ) فوطأه ومهده ونظيره أرض له ومعنى التمكين لهم في الأرض وهي أرض مصر والشام أن ينفذ أمرهم ويطلق أيديهم وقوله وَنُرِى َ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ قرىء وَيَرَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا أي يرون منهم ما كانوا خائفين منه من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود بني إسرائيل
وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى اليَمِّ وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِى إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّة ُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
اعلم أنه تعالى لما قال وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ ( القصص ٥ ) ابتدأ بذكر أوائل نعمه في هذا الباب بقوله وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى والكلام في هذا الوحي ذكرناه في سورة طه ( ٣٧ ٣٨ ) في قوله وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّة ً أُخْرَى إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمّكَ مَا يُوحَى وقوله أَنْ أَرْضِعِيهِ كالدلالة على أنها أرضعته وليس في القرآن حد ذلك فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ أن يفطن به جيرانك ويسمعون صوته عند البكاء فَأَلْقِيهِ فِى اليَمّ قال ابن جريج إنه بعد أربعة أشهر صاح فألقى في اليم والمراد باليم ههنا النيل وَلاَ تَخَافِى وَلاَ تَحْزَنِى والخوف غم يحصل بسبب مكروه يتوقع حصوله في المستقبل والحزن غم يلحقه بسبب مكروه حصل في الماضي فكأنه قيل ولا تخافي من هلاكه ولا تحزني بسبب فراقه أَنَاْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ لتكوني أنت المرضعة له وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إلى أهل مصر والشام وقصة الإلقاء في اليم قد تقدمت في سورة طه وقال ابن عباس إن أم موسى عليه السلام لما تقارب ولادها كانت قابلة من القوابل التي وكلهم فرعون بالحبالى مصافية لأم موسى عليه السلام فلما أحست بالطلق أرسلت إليها وقالت لها قد نزل بي ما نزل ولينفعني اليوم حبك إياي فجلست القابلة فلما وقع موسى عليه السلام إلى الأرض هالها نور بين عينيه فارتعش كل مفصل منها ودخل حب موسى عليه السلام قلبها فقالت يا هذه ما جئتك إلا لقتل مولودك ولكني وجدت لابنك هذا حباً شديداً فاحتفظي بابنك فإنه أراه عدونا فلما خرجت القابلة من عندها أبصرها بعض العيون فجاء إلى بابها ليدخل


الصفحة التالية
Icon