فهذا القول إذن منه لا من غيره وأيضاً فقوله إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِى الاْرْضِ لا يليق إلا بأن يكون قولاً للكافر
واعلم أن الجبار الذي يفعل ما يريد من الضرب والقتل بظلم لا ينظر في العواقب ولا يدفع بالتي هي أحسن وقيل المتعظم الذي لا يتواضع لأمر أحد ولما وقعت هذه الواقعة انتشر الحديث في المدينة وانتهى إلى فرعون وهموا بقتله
أما قوله وَجَاء رَجُلٌ مّنْ أَقْصَى الْمَدِينَة ِ يَسْعَى قال صاحب ( الكشاف ) يسعى يجوز ارتفاعه وصفاً لرجل وانتصابه حالاً عنه لأنه قد تخصص بقوله مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة ِ والائتمار التشاور يقال الرجلان ( يتآمران ) يأتمران لأن كل واحد منهما يأمر صاحبه بشيء أو يشير عليه بأمر والمعنى يتشاورون بسببك وأكثر المفسرين على أن هذا الرجل مؤمن آل فرعون فعلى وجه الإشفاق أسرع إليه ليخوفه بأن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك
أما قوله فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ أي خائفاً على نفسه من آل فرعون ينتظر هل يلحقه طلب فيؤخذ ثم التجأ إلى الله تعالى لعلمه بأنه لا ملجأ سواه فقال رَبّ نَجّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وهذا يدل على أن قتله لذلك القبطي لم يكن ذنباً وإلا لكان هو الظالم لهم وما كانوا ظالمين له بسبب طلبهم إياه ليقتلوه قصاصاً
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَآءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّة ً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِى حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَى َّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ياأَبَتِ اسْتَأجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأجَرْتَ الْقَوِى ُّ الأَمِينُ قَالَ إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى َّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى َ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الاٌّ جَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَى َّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ


الصفحة التالية
Icon