اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم عند الخوف قالوا هلا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك بين أيضاً أنه بعد الإرسال إلى أهل مكة قالوا لَوْلا أُوتِى َ مِثْلَ مَا أُوتِى َ مُوسَى فهؤلاء قبل البعثة يتعلقون بشبهة وبعد البعثة يتعلقون بأخرى فظهر أنه لا مقصود لهم سوى الزيغ والعناد
أما قوله فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا أي جاءهم الرسول المصدق بالكتاب المعجز مع سائر المعجزات قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى من الكتاب المنزل جملة واحدة ومن سائر المعجزات كقلب العصا حية واليد البيضاء وفلق البحر وتظليل الغمام وانفجار الحجر بالماء والمن والسلوى ومن أن الله كلمه وكتب له في الألواح وغيرها من الآيات فجاؤا بالاقتراحات المبنية على التعنت والعناد كما قالوا لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ ( هود ١٢ ) وما أشبه ذلك
واعلم أن الذي اقترحوه غير لازم لأنه لا يجب في معجزات الأنبياء عليهم السلام أن تكون واحدة ولا فيما ينزل إليهم من الكتب أن يكون على وجه واحد إذ الصلاح قد يكون في إنزاله مجموعاً كالتوراة ومفرقاً كالقرآن ثم إنه تعالى أجاب عن هذه الشبهة بقوله أَوَ لَمْ يَكْفُرُواْ بِمَا أُوتِى َ مُوسَى مِن قَبْلُ واختلفوا في أن الضمير في قوله أَوَ لَمْ يَكْفُرُواْ إلى من يعود وذكروا وجوهاً أحدها أن اليهود أمروا قريشاً أن يسألوا محمداً أن يؤتى مثل ما أوتي موسى عليه السلام فقال تعالى أَوَ لَمْ يَكْفُرُواْ بِمَا أُوتِى َ مُوسَى يعني أو لم


الصفحة التالية
Icon