تعالى وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً ( النساء ٩٣ ) وقالوا نزلت الغليظة بعد اللينة بمدة يسيرة وعن الضحاك ومقاتل بثمان سنين وقد تقدم الكلام في ذلك في سورة النساء
المسألة الثالثة فإن قيل العمل الصالح يدخل فيه التوبة والإيمان فكان ذكرهما قبل ذكر العمل الصالح حشواً قلنا أفردهما بالذكر لعلو شأنهما ولما كان لا بد معهما من سائر الأعمال لا جرم ذكر عقيبهما العمل الصالح
المسألة الرابعة اختلفوا في المراد بقوله فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ اللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ على وجوه أحدها قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة إن التبديل إنما يكون في الدنيا فيبدل الله تعالى قبائح أعمالهم في الشرك بمحاسن الأعمال في الإسلام فيبدلهم بالشرك إيماناً وبقتل المؤمنين قتل المشركين وبالزنا عفة وإحصاناً فكأنه تعالى يبشرهم بأنه يوفقهم لهذه الأعمال الصالحة فيستوجبوا بها الثواب وثانيها قال الزجاج السيئة بعينها لا تصير حسنة ولكن التأويل أن السيئة تمحى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة والكافر يحبط الله عمله ويثبت عليه السيئات وثالثها قال قوم إن الله تعالى يمحو السيئة عن العبد ويثبت له بدلها الحسنة بحكم هذه الآية وهذا قول سعيد بن المسيب ومكحول ويحتجون بما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ( ﷺ ) أنه قال ( ليتمنين أقوام أنهم أكثروا من السيئات قيل من هم يا رسول الله قال الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات ) وعلى هذا التبديل في الآخرة ورابعها قال القفال والقاضي أنه تعالى يبدل العقاب بالثواب فذكرهما وأراد ما يستحق بهما وإذا حمل على ذلك كانت الإضافة إلى الله حقيقة لأن الإثابة لا تكون إلا من الله تعالى
أما قوله تعالى وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً ففيه سؤالان
السؤال الأول ما فائدة هذا التكرير الجواب من وجهين الأول أن هذا ليس بتكرير لأن الأول لما كان في تلك الخصال بين تعالى أن جميع الذنوب بمنزلتها في صحة التوبة منها الثاني أن التوبة الأولى رجوع عن الشرك والمعاصي والتوبة الثانية رجوع إلى الله تعالى للجزاء والمكافأة كقوله تعالى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ( الرعد ٣٠ ) أي مرجعي
السؤال الثاني هل تكون التوبة إلا إلى الله تعالى فما فائدة قوله فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً الجواب من وجوه الأول ما تقدم من أن التوبة الأولى الرجوع عن المعصية والثانية الرجوع إلى حكم الله تعالى وثوابه الثاني معناه أن من تاب إلى الله فقد أتى بتوبة مرضية لله مكفرة للذنوب محصلة للثواب العظيم الثالث قوله وَمَن تَابَ يرجع إلى الماضي فإنه سبحانه ذكر أن من أتى بهذه التوبة في الماضي على سبيل الإخلاص فقد وعده بأنه سيوفقه للتوبة في المستقبل وهذا من أعظم البشارات
الصفة السابعة
وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً
فيه مسائل
المسألة الأولى الزور يحتمل إقامة الشهادة الباطلة ويكون المعنى أنهم لا يشهدون شهادة الزور


الصفحة التالية
Icon