على ما بينا غير أنه تعالى ذكر من كل باب أمرين للتقرير بالتكرير فإذا قال إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَاتٍ كان عائداً إليهما وأما في قيام السماء والأرض فنقول في الآيات السماوية ذكر أنها آيات للعالمين ولقوم يعقلون لظهورها فلما كان في أول الأمر ظاهراً ففي آخر الأمر بعد سرد الدلائل يكون أظهر فلم يميز أحداً عن أحد في ذلك وذكر ما هو مدلوله وهو قدرته على الإعادة وقال ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَة ً مّنَ الاْرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ وفيها مسائل
المسألة الأولى ما وجه العطف يتم وبم تعلق ثم فنقول معناه والله أعلم إنه تعالى إذا بين لكم كمال قدرته بهذه الآيات بعد ذلك يخبركم ويعلمكم أنه إذا قال للعظام الرميمة اخرجوا من الأجداث يخرجون أحياء
المسألة الثانية قول القائل دعا فلان فلاناً من الجبل يحتمل أن يكون الدعاء من الجبل كما يقول القائل يا فلان إصعد إلى الجبل فيقال دعاه من الجبل ويحتمل أن يكون المدعو يدعى من الجبل كما يقول القائل يا فلان انزل من الجبل فيقال دعاه من الجبل ولا يخفى على العاقل أن الدعاء لا يكون من الأرض إذا كان الداعي هو الله فالمدعو يدعى من الأرض يعني أنتم تكونون في الأرض فيدعوكم منها فتخرجون
المسألة الثالثة قوله تعالى إِذَا أَنتُمْ قد بينا أنه للمفاجأة يعني يكون ذلك بكن فيكون
المسألة الرابعة قال ههنا إذا أنتم تخرجون وقال في خلق الإنسان أولاً ثُمَّ إِذَا أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ( الروم ٢٠ ) فنقول هناك يكون خلق وتقدير وتدريج وتراخ حتى يصير التراب قابلاً للحياة فينفخ فيه روحه فإذا هو بشر وأما في الإعادة لا يكون تدريج وتراخ بل يكون نداء وخروج فلم يقل ههنا ثم
وَلَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ والأرض كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِى السَّمَاوَاتِ والأرض وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
لما ذكر الآيات وكان مدلولها القدرة على الحشر التي هي الأصل الآخر والوحدانية التي هي الأصل الأول أشار إليها بقوله وَلَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ يعني لا شريك له أصلاً لأن كل من في السموات وكل من في الأرض ونفس السموات والأرض له وملكه فكل له منقادون قانتون والشريك يكون منازعاً مماثلاً فلا شريك له أصلاً ثم ذكر المدلول الآخر فقال تعالى وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أي في نظركم الإعادة أهون من الإبداء لأن من يفعل فعلاً أولاً يصعب عليه ثم إذا فعل بعد ذلك مثله يكون أهون وقيل المراد هو هين عليه كما قيل في قول القائل الله أكبر أي كبير وقيل المراد هو أهون عليه أي الإعادة أهون على الخالق من الإبداء لأن في البدء يكون علقة ثم مضغة ثم لحماً ثم عظماً ثم يخلق بشراً ثم يخرج طفلاً يترعرع إلى غير ذلك فيصعب عليه ذلك كله وأما في الإعادة فيخرج


الصفحة التالية
Icon