المطلق فهو الحميد وعلى هذا ( يكون ) الحميد بمعنى المحمود والله إذا قيل له الحميد لا يكون معناه إلا الواصف أي وصف نفسه أو عباده بأوصاف حميدة والعبد إذا قيل له حامد يحتمل ذلك المعنى ويحتمل كونه عابداً شاكراً له
وَلَوْ أَنَّمَا فِى الأرض مِن شَجَرَة ٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَة ُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَة ٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
لما قال تعالى للَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وكان ذلك موهماً لتناهي ملكه لانحصار ما في السموات وما في الأرض فيهما وحكم العقل الصريح بتناهيهما بين أن في قدرته وعلمه عجائب لا نهاية لها فقال وَلَوْ أَنَّ مَّا فِى الاْرْضِ مِن شَجَرَة ٍ أَقْلاَمٌ ويكتب بها والأبحر مداد لا تفني عجائب صنع الله وعلى هذا فالكلمة مفسرة بالعجيبة ووجهها أن العجائب بقوله كن وكن كلمة وإطلاق اسم السبب على المسبب جائز يقول الشجاع لمن يبارزه أنا موتك ويقال للدواء في حق المريض هذا شفاؤك ودليل صحة هذا هو أن الله تعالى سمى المسيح كلمة لأنه كان أمراً عجيباً وصنعاً غريباً لوجوده من غير أب فإن قال قائل الآية واردة في اليهود حيث قالوا الله ذكر كل شيء في التوراة ولم يبق شيء لم يذكره فقال الذي في التوراة بالنسبة إلى كلام الله تعالى ليس إلا قطرة من بحار وأنزل هذه الآية وقيل أيضاً إنها نزلت في واحد قال للنبي عليه السلام إنك تقول وَمَا أُوتِيتُم مّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ( الإسراء ٨٥ ) وتقول وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَة َ فَقَدْ أُوتِى َ خَيْرًا كَثِيرًا ( البقرة ٢٦٩ ) فنزلت الآية دالة على أنه خير كثير بالنسبة إلى العباد وبالنسبة إلى الله وعلومه قليل وقيل أيضاً إنها نزلت رداً على الكفار حيث قالوا بأن ما يورده محمد سينفد فقال إنه كلام الله وهو لا ينفد وما ذكر من أسباب النزول ينافي ما ذكرتم من التفسير لأنها تدل على أن المراد الكلام فنقول ما ذكرتم من اختلاف الأقوال فيه يدل على جواز ما ذكرنا لأنه إذا صلح جواباً لهذه الأشياء التي ذكرتموها وهي متباينة علم أنها عامة وما ذكرنا لا ينافي هذا لأن كلام الله عجيب معجز لا يقدر أحد على الإتيان بمثله وإذا قلنا بأن عجائب الله لا نهاية لها دخل فيها كلامه لا يقال إنك جعلت الكلام مخلوقاً لأنا نقول المخلوق هو الحرف والتركيب وهو عجيب وأما الكلمات فهي من صفات الله تعالى واعلم أن الآية وإن كانت نازلة على ترتيب غير الذي هو مكتوب ولكن الترتيب المكتوب عليه القرآن بأمر الله فإنه بأمر الرسول كتب كذلك وأمر الرسول من أمر الله وذلك محقق متيقن من سنن الترتيب الذي فيه ثم إن الآية فيها لطائف الأولى قال وَلَوْ أَنَّ مَّا فِى الاْرْضِ مِن شَجَرَة ٍ أَقْلاَمٌ وحد الشجرة وجمع الأقلام ولم يقل ولو أن ما في الأرض من الأشجار أقلام ولا قال ولو أن ما في الأرض من شجرة قلم إشارة إلى التكثير يعني ولو أن بعدد كل شجرة أقلاماً الثانية قوله والبحر يمده تعريف البحر باللام لاستغراق الجنس


الصفحة التالية
Icon