أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الْمَآءَ إِلَى الأرض الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ وَيَقُولُونَ مَتَى هَاذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
قوله تعالى أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الاْرْضِ الْجُرُزِ لما بين الإهلاك وهو الإماتة بين الإحياء ليكون إشارة إلى أن الضر والنفع بيد الله والجرز الأرض اليابسة التي لا نبات فيها والجرز هو القطع وكأنها المقطوع عنها الماء والنبات ثم قال تعالى فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ قدم الأنعام على الأنفس في الأكل لوجوه أحدها أن الزرع أول ما ينبت يصلح للدواب ولا يصلح للإنسان والثاني وهو أن الزرع غذاء الدواب وهو لا بد منه وأما غذاء الإنسان فقد يحصل من الحيوان فكأن الحيوان يأكل الزرع ثم الإنسان يأكل من الحيوان الثالث إشارة إلى أن الأكل من ذوات الدواب والإنسان يأكل بحيوانيته أو بما فيه من القوة العقلية فكماله بالعبادة ثم قال تعالى أَفَلاَ يُبْصِرُونَ لأن الأمر يرى بخلاف حال الماضين فإنها كانت مسموعة ثم لما بين الرسالة والتوحيد بين الحشر بقوله تعالى وَيَقُولُونَ مَتَى هَاذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ إلى آخر السورة فصار ترتيب آخر السورة كترتيب أولها حيث ذكر الرسالة في أولها بقوله لِتُنذِرَ قَوْماً ( القصص ٤٦ ) وفي آخرها بقوله وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ( البقرة ٨٧ ) وذكر التوحيد بقوله الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وقوله الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَى ْء خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ وفي آخر السورة ذكره بقوله أَوَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ وقوله أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ وذكر الحشر في أولها بقوله وَقَالُواْ أَءذَا ضَلَلْنَا فِى الاْرْضِ ( السجدة ١٠ ) وفي آخرها بقوله وَيَقُولُونَ مَتَى هَاذَا الْفَتْحُ
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ
قوله تعالى قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ أي لا يقبل إيمانهم في تلك الحالة لأن الإيمان المقبول هو الذي يكون في دار الدنيا ولا ينظرون أي لا يمهلون بالإعادة إلى الدنيا ليؤمنوا فيقبل إيمانهم ثم لما بين المسائل وأتقن الدلائل ولم ينفعهم قال تعالى فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي لا تناظرهم بعد ذلك وإنما الطريق بعد هذا القتال وقوله وَانتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ يحتمل وجوهاً أحدها وانتظر هلاكهم فإنهم ينتظرون هلاكك وعلى هذا فرق بين الانتظارين لأن انتظار النبي ( ﷺ ) بأمر الله تعالى بعد وعده وانتظارهم بتسويل أنفسهم والتعويل على الشيطان وثانيها وانتظر النصر من الله فإنهم ينتظرون النصر من آلهتهم وفرق بين الانتظارين وثالثها وانتظر عذابهم بنفسك فإنهم ينتظرونه بلفظهم استهزاء كما قالوا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ( الأعراف ٧٠ ) وقالوا مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( النمل ٧١ ) إلى غير ذلك والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيد المرسلين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين
قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ
قوله تعالى قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ أي لا يقبل إيمانهم في تلك الحالة لأن الإيمان المقبول هو الذي يكون في دار الدنيا ولا ينظرون أي لا يمهلون بالإعادة إلى الدنيا ليؤمنوا فيقبل إيمانهم ثم لما بين المسائل وأتقن الدلائل ولم ينفعهم قال تعالى فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي لا تناظرهم بعد ذلك وإنما الطريق بعد هذا القتال وقوله وَانتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ يحتمل وجوهاً أحدها وانتظر هلاكهم فإنهم ينتظرون هلاكك وعلى هذا فرق بين الانتظارين لأن انتظار النبي ( ﷺ ) بأمر الله تعالى بعد وعده وانتظارهم بتسويل أنفسهم والتعويل على الشيطان وثانيها وانتظر النصر من الله فإنهم ينتظرون النصر من آلهتهم وفرق بين الانتظارين وثالثها وانتظر عذابهم بنفسك فإنهم ينتظرونه بلفظهم استهزاء كما قالوا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ( الأعراف ٧٠ ) وقالوا مَتَى هَاذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( النمل ٧١ ) إلى غير ذلك والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيد المرسلين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين


الصفحة التالية
Icon