الأجر ذكر المؤتي وهو الله وعند العذاب لم يصرح بالمعذب فقال يُضَاعِفُ إشارة إلى كمال الرحمة والكرم كما أن الكريم الحي عند النفع يظهر نفسه وفعله وعند الضر لا يذكر نفسه وقوله تعالى وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً وصف رزق الآخرة بكونه كريماً مع أن الكريم لا يكون إلا وصفاً للرزاق إشارة إلى معنى لطيف وهو أن الرزق في الدنيا مقدر على أيدي الناس التاجر يسترزق من السوقة والمعاملين والصناع من المستعملين والملوك من الرعية والرعية منهم فالرزق في الدنيا لا يأتي بنفسه وإنما هو مسخر للغير يمسكه ويرسله إلى الأغيار وأما في الآخرة فلا يكون له مرسل وممسك في الظاهر فهو الذي يأتي بنفسه فلأجل هذا لا يوصف في الدنيا بالكريم إلا الرزاق وفي الآخرة يوصف بالكريم نفس الرزق
يانِسَآءَ النَّبِى ِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
ثم قال تعالى كَرِيماً يانِسَاء النَّبِى ّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَاء لما ذكر أن عذابهن ضعف عذاب غيرهن وأجرهن مثلاً أجر غيرهن صرن كالحرائر بالنسبة إلى الإماء فقال لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ ومعنى قول القائل ليس فلان كآحاد الناس يعني ليس فيه مجرد كونه إنساناً بل وصف أخص موجود فيه وهو كونه عالماً أو عاملاً أو نسيباً أو حسيباً فإن الوصف الأخص إذا وجد لا يبقى التعريف بالأعم فإن من عرف رجلاً ولم يعرف منه غير كونه رجلاً يقول رأيت رجلاً فإن عرف علمه يقول رأيت زيداً أو عمراً فكذلك قوله تعالى لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النّسَاء يعني فيكن غير ذلك أمر لا يوجد في غيركن وهو كونكن أمهات جميع المؤمنين وزوجات خير المرسلين وكما أن محمداً عليه السلام ليس كأحد من الرجال كما قال عليه السلام ( لست كأحدكم ) كذلك قرائبه اللاتي يشرفن به وبين الزوجين نوع من الكفاءة
ثم قوله تعالى إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ يحتمل وجهين أحدهما أن يكون متعلقاً بما قبله على معنى لستن كأحد إن اتقيتن فإن الأكرم عند الله هو الأتقى وثانيهما أن يكون متعلقاً بما بعده على معنى إن اتقيتن فلا تخضعن والله تعالى لما منعهن من الفاحشة وهي الفعل القبيح منعهن من مقدماتها وهي المحادثة مع الرجال والانقياد في الكلام للفاسق ثم قوله تعالى فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ أي فسق وقوله تعالى وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً أي ذكر الله وما تحتجن إليه من الكلام والله تعالى لما قال فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ذكر بعده وَقُلْنَ إشارة إلى أن ذلك ليس أمراً بالإيذاء والمنكر بل القول المعروف وعند الحاجة هو المأمور به لا غيره
وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّة ِ الاٍّ ولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَواة َ وَءَاتِينَ الزَّكَواة َ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً


الصفحة التالية
Icon