السلام وكذلك أخوها امتنع فنزلت الآية فرضيا به والوجه أن يقال إن الله تعالى لما أمر نبيه بأن يقول لزوجاته إنهن مخيرات فهم منه أن النبي ( ﷺ ) لا يريد ضرر الغير فمن كان ميله إلى شيء يمكنه النبي عليه السلام من ذلك ويترك النبي عليه السلام حق نفسه لحظ غيره فقال في هذه الآية لا ينبغي أن يظن ظان أن هوى نفسه متبعه وأن زمام الاختيار بيد الإنسان كما في الزوجات بل ليس لمؤمن ولا مؤمنة أن يكون له اختيار عند حكم الله ورسوله فما أمر الله هو المتبع وما أراد النبي هو الحق ومن خالفهما في شيء فقد ضل ضلالاً مبيناً لأن الله هو المقصد والنبي هو الهادي الموصل فمن ترك المقصد ولم يسمع قول الهادي فهو ضال قطعاً
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَى ْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً
وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالتحرير والإعتاق أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ همَّ زيد بطلاق زينب فقال له النبي أمسك أي لا تطلقها وَاتَّقِ اللَّهَ قيل في الطلاق وقيل في الشكوى من زينب فإن زيداً قال فيها إنها تتكبر علي بسبب النسب وعدم الكفاءة وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ من أنك تريد التزوج بزينب بِرَبّ النَّاسِ من أن يقولوا أخذ زوجة الغير أو الإبن وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ليس إشارة إلى أن النبي خشي الناس ولم يخش الله بل المعنى الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخش أحداً معه وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضاً فاجعل الخشية له وحده كما قال تعالى الَّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ ( الأحزاب )
ثم قال تعالى فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا أي لما طلقها زيد وانقضت عدتها وذلك لأن الزوجة ما دامت في نكاح الزوج فهي تدفع حاجته وهو محتاج إليها فلم يقض منها الوطر بالكلية ولم يستغن وكذلك إذا كان في العده له بها تعلق لإمكان شغل الرحم فلم يقض منها بعد وطره وأما إذا طلق وانقضت عدتها استغنى عنها ولم يبق له معها تعلق فيقضي منها الوطر وهذا موافق لما في الشرع لأن التزوج بزوجة الغير أو بمعتدته لا يجوز فلهذا قال فَلَمَّا قَضَى وكذلك قوله لِكَى ْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً


الصفحة التالية
Icon