عليه السلام ولا يأخذ منه إلا قول النبي عليه السلام وفعله فأنوار المجتهدين كلهم من النبي عليه السلام ولم جعلهم كالسرج والنبي عليه السلام أيضاً سراج كان للمجتهد أن يستنير بمن أراد منهم ويأخذ النور ممن اختار وليس كذلك فإن مع نص النبي عليه السلام لا يعمل بقول الصحابي فيؤخذ من النبي النور ولا يؤخذ من الصحابي فلم يجعله سراجاً وهذا يوجب ضعفاً في حديث سراج الأمة والمحدثون ذكروه وفي تفسير السراج وجه آخر وهو أن المراد منه القرآن وتقديره إنا أرسلناك وسراجاً منيراً عطفاً على محل الكاف أي وأرسلنا سراجاً منيراً وعلى قولنا إنه عطف على مبشراً ونذيراً يكون معناه وذا سراج لأن الحال لا يكون إلا وصفاً للفاعل أو المفعول والسراج ليس وصفاً لأن النبي عليه السلام لم يكن سراجاً حقيقة أو يكون كقول القائل رأيته أسداً أي شجاعاً فقوله سراجاً أي هادياً مبيناً كالسراج يرى الطريق ويبين الأمر
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كِبِيراً
وقوله تعالى وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ عطف على مفهوم تقديره إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً فاشهد وبشر ولم يذكر فاشهد للاستغناء عنه وأما البشارة فإنها ذكرت إبانة للكرم ولأنها غير واجبة لولا الأمر وقوله تعالى بِأَنَّ لَهُمْ مّنَ اللَّهِ فَضْلاً كِبِيراً هو مثل قوله وَأَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَة ً وَأَجْراً عَظِيماً ( الأحزاب ٣٥ ) فالعظيم والكبير متقاربان وكونه من الله كبير فكيف إذا كان مع ذلك كبارة أخرى
وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً
إشارة إلى الإنذار يعني خالفهم وورد عليهم وعلى هذا فقوله تعالى وَدَعْ أَذَاهُمْ أي دعه إلى الله فإنه يعذبهم بأيديكم وبالنار ويبين هذا قوله تعالى وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً أي الله كاف عبده قال بعض المعتزلة لا يجوز تسمية الله بالوكيل لأن الوكيل أدون من الموكل وقوله تعالى وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً حجة عليه وشبهته واهية من حيث إن الوكيل قد يوكل للترفع وقد يوكل للعجز والله وكيل عباده لعجزهم عن التصرف وقوله تعالى وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً يتبين إذا نظرت في الأمور التي لأجلها لا يكفى الوكيل الواحد منها أن لا يكون قوياً قادراً على العمل كالملك الكثير الأشغال يحتاج إلى وكلاء لعجز الواحد عن القيام بحميع أشغاله ومنها أن لا يكون عالماً بما فيه التوكيل ومنها أن لا يكون غنياً والله تعالى عالم قادر وغير محتاج فكيفي وكيلاً
ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة ٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً
وجه تعلق الآية بما قبلها هو أن الله تعالى في هذه السورة ذكر مكارم الأخلاق وأدب نبيه على ما


الصفحة التالية
Icon