والنبي عليه الصلاة والسلام كان هادي كل مهتد
أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السَّمَآءِ والأرض إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاّيَة ً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
ثم قال تعالى أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مّنَ السَّمَاء وَالاْرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ لما ذكر الدليل بكونه عالم الغيب وكونه جازياً على السيئات والحسنات ذكر دليلاً آخر وذكر فيه تهديداً أما الدليل فقوله مّنَ السَّمَاء والاْرْضِ فإنهما يدلان على الوحدانية كما بيناه مراراً وكما قال تعالى وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ( لقمان ٢٥ ) ويدلان على الحشر لأنهما يدلان على كمال قدرته ومنها الإعادة وقد ذكرناه مراراً وقال تعالى أَوَ لَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ( ي س ٨١ ) وأما التهديد فبقوله إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاْرْضَ يعني نجعل عين نافعهم ضارهم بالخسف والكسف
ثم قال تعالى إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَة ً لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ أي لكل من يرجع إلى الله ويترك التعصب ثم إن الله تعالى لما ذكر من ينيب من عباده ذكر منهم من أناب وأصاب ومن جملتهم داود كما قال تعالى عنه فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ ( ص ٢٤ ) وبين ما أتاه الله على إنابته فقال
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً ياجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ
وفي الآية مسائل
المسألة الأولى قوله تعالى مِنَّا إشارة إلى بيان فضيلة داود عليه السلام وتقريره هو أن قوله وَلَقَدْ ءاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً مستقل بالمفهوم وتام كما يقول القائل آتي الملك زيداً خلعة فإذا قال القائل آتاه منه خلعة يفيد أنه كان من خاص ما يكون له فكذلك إيتاء الله الفضل عام لكن النبوة من عنده خاص بالبعض ومثل هذا قوله تعالى يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَة ٍ مّنْهُ وَرِضْوانٍ ( التوبة ٢١ ) فإن رحمة الله واسعة تصل إلى كل أحد في الدنيا لكن رحمته في الآخرة على المؤمنين رحمة من عنده لخواصه فقال يُبَشّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَة ٍ مّنْهُ
المسألة الثانية في قوله فَضْلاً ياجِبَالُ أَوّبِى مَعَهُ قال الزمخشري مِن جِبَالٍ بدل من قوله فَضْلاً معناه آتيناه فضلاً قولنا يا جبال أو من آتينا ومعناه قلنا يا جبال
المسألة الثالثة قرىء أوبي بتشديد الواو من التأويب وبسكونها وضم الهمزة أوبي من الأوب وهو الرجوع والتأويب الترجيع وقيل بأن معناه سيرى معه وفي قوله يُسَبّحْنَ قالوا هو من السباحة وهي الحركة المخصوصة
المسألة الرابعة قرىء وَالطَّيْرُ بالنصب حملاً على محل المنادى والطير بالرفع حملاً على لفظه
المسألة الخامسة لم يكن الموافق له في التأويب منحصراً في الجبال والطير ولكن ذكر الجبال لأن الصخور للجمود والطير للنفور تستبعد منهما الموافقة فإذا وافقه هذه الأشياء فغيرها أولى ثم إن من الناس من لم يوافقه وهم القاسية قلوبهم التي هي أشد قسوة من الحجارة
المسألة السادسة قوله وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ عطف والمعطوف عليه يحتمل أن يكون قلنا المقدر في قوله يا جبال تقديره قلنا مِن جِبَالٍ أوبي وألنا ويحتمل أن يكون عطفاً على آتينا تقديره آتيناه فضلاً وألنا له


الصفحة التالية
Icon