ومجاهد والكلبي واحتج القائلون بأنه إسماعيل بوجوه الأول أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( أنا ابن الذبيحين ) وقال له أعرابي ( يا ابن الذبيحين فتبسم فسئل عن ذلك فقال إن عبد المطلب لما حفر بئر زمزم نذر لله لئن سهل الله له أمرها ليذبحن أحد ولده فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا له افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والذبيح الثاني إسماعيل )
الحجة الثانية نقل عن اوصمعي أنه قال سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح فقال يا أصمعي أين عقلك ومتى كان إسحق بمكة وإنما كان إسماعيل بمكة وهو الذي بنى البيت مع أبيه المنحر بمكة
الحجة الثالثة أن الله تعالى وصف إسماعيل بالصبر دون إسحق في قوله وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مّنَ الصَّابِرِينَ ( الأنبياء ٨٥ ) وهو صبره على الذبح ووصفه أيضاً بصدق الوعد في قوله إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ( مريم ٥٤ ) لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به
الحجة الرابعة قوله تعالى فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ( هود ٧١ ) فنقول لو كان الذبيح إسحق لكان الأمر بذبحه إما أن يقع قبل ظهور يعقوب منه أو بعد ذلك فالأول باطل لأنه تعالى لما بشرها بإسحق وبشرها معه بأنه يحصل منه يعقوب فقبل ظهور يعقوب منه لم يجز الأمر بذبحه وإلا حصل الخلف في قوله وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ والثاني باطل لأن قوله فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْى َ قَالَ يابُنَى َّ بَنِى إِنّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنّى أَذْبَحُكَ يدل على أن ذلك الإبن لما قدر على السعي ووصل إلى حد القدرة على الفعل أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه وذلك ينافي وقوع هذه القصة في زمان آخر فثبت أنه لا يجوز أن يكون الذبيح هو إسحق
الحجة الخامسة حكى الله تعالى عنه أنه قال إِنّى ذَاهِبٌ إِلَى رَبّى سَيَهْدِينِ ( الصافات ٩٩ ) ثم طلب من الله تعالى ولداً يستأنس به في غربته فقال رَبّ هَبْ لِى مِنَ الصَّالِحِينِ ( الصافات ١٠٠ ) وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد لأنه لو حصل له ولد واحد لما طلب الولد الواحد لأن طلب الحاصل محال وقوله هَبْ لِى مِنَ الصَّالِحِينِ لا يفيد إلا طلب الولد الواحد وكلمة من للتبعيض وأقل درجات البعضية الواحد فكأن قوله مّنَ الصَّالِحِينَ لا يفيد إلا طلب الولد الواحد فثبت أن هذا السؤال لا يحسن إلا عند عدم كل الأولاد فثبت أن هذا السؤال وقع حال طلب الولد الأول وأجمع الناس على أن إسماعيل متقدم في الوجود على إسحق فثبت أن المطلوب بهذا الدعاء وهو إسماعيل ثم إن الله تعالى ذكر قيبه قصة الذبيح فوجب أن يكون الذبيح هو إسماعيل
الحجة السادسة الأخبار الكثيرة في تعليق قرن الكبش بالكعبة فكأن الطبيح بمكة ولو كان الذبيح إسحق كان الذبح بالشام واحتج من قال إن ذلك الذبيح هو إسحق بوجهين الوجه الأول أن أول الآية وآخرها يدل على ذلك أما أولها فإنه تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام قبل هذه الآية أنه قال إِنّى ذَاهِبٌ إِلَى رَبّى سَيَهْدِينِ وأجمعوا على أن المراد منه مهاجرته إلى الشام ثم قال فبشرناه بغلام حليم ( الصافات ١٠١ ) فوجب أن يكون هذا الغلام ليس إلا إسحق ثم قال بعده ( الصافات ١٠١ ) فوجب أن يكون هذا الغلام ليس إلا إسحق ثم قال بعده فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْى َ وذلك يقتضي أن يكون المراد من هذا الغلام الذي بلغ معه السعي هو ذلك الغلام الذي حصل في الشام فثبت أن مقدمة هذه الآية تدل على أن الذبيح هو إسحق وأما آخر الآية فهو أيضاً يدل على ذلك لأنه تعالى لما تمم قصة الذبيح قال بعده


الصفحة التالية
Icon