قوله هذه هي السورة العجزة ونظيره قوله هذا حاتم والله أي هذا هو المشهور بالسخاء والجواب عن السؤال الثاني أن الحكم المذكور قبل كلمة بَلِ أما ما ذكره المفسر كون محمد صادقاً في تبليغ الرسالة أو كون القرآن أو هذه السورة معجزة والحكم المذكور بعد كلمة بَلِ ههنا هو المنازعة والمشاقة في كونه كذلك فحصل المطلوب والله أعلم
المسألة الثانية قرأ الحسن صاد بكسر الدال لأجل التقاء الساكنين وقرأ عيسى بن عمر بنصب صاد ونون وبحذف حرف القسم وإيصال فعله كقولهم الله لأفعلن وأكثر القراء على الجزم لأن الأسماء العارية عن العوامل تذكر موقوفة الأواخر
المسألة الثالثة في قوله ذي الذكر وجهان الأول المراد ذي الشرف قال تعالى وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ( الزخرف ٤٤ ) وقال تعالى لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ( الأنبياء ١٠ ) ومجاز هذا من قولهم لفلان ذكر في الناس كما يقولون له صيت الثاني ذي البيانين أي فيه قصص الأولين والآخرين وفيه بيان العلوم الأصلية والفرعية ومجازه من قوله وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ( القمر ٢٢ )
المسألة الرابعة قالت المعتزلة القررن ذي الذكر والذكر محدث بيان الأول قوله تعالى وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ( الزخرف ٤٤ ) وَهَاذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ ( الأنبياء ٥٠ ) ص وَالْقُرْءانِ ذِى ( ص ١ ) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ ( يس ٦٩ ) وبيان الثاني قوله مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن رَّبّهِمْ مُّحْدَثٍ ( الأنبياء ٢ ) وقوله مَا يَأْتِيهِمْ مّن ذِكْرٍ مّن الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ والجواب أنا نصرف دليلكم إلى الحروف والأصوات وهي محدثه
أما قوله بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فالمراد منه الكفار من رؤساء قريش الذين يجوز على مثلهم الإجماع على الحسد والكبر على الإنقياد إلى الحق والعزة ههنا التعظيم وما يعقتده الإنسان في نفسه من الأحوال التي تمنعه من متابعة الغير لقوله تعالى وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّة ُ بِالإثْمِ ( البقرة ٢٠٦ ) والشقاق هو إظهار المخالفة على جهة المساواة للمخالف أو على جهة الفضلية عليه وهو مأخوذ من الشق كأنه يرتفع عن أن يلزمه المخالفة على جهة المساواة للمخالف أو على جهة الفضيلة عليه وهو مأخوذ من الشق كأنه يرتفع عن أن يلزمه الانقياد له بل يجعل نفسه في شق وخصمه في شق فيريد أن يكون في شقة نفسه ولا يجري عليه حكم خصمه ومثله العاداة وهو أن يكون أحدهما في عدوة والآخر في عدوة وهي جانب الوادي وكذلك المحادة أن يكون هذا في حد غير حد الآخر ويقال انحرف فلان عن فلان وجانب فلان فلاناً أي صار منه على حرف وفي جانب غير جانبه والله أعلم ثم إنه تعالى لما وصفهم بالعزة والشقاق خوفهم فقال كَمَا أَهْلَكْنَا قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ فَنَادَواْ والمعنى أنهم نادوا عند نزول العذاب في الدنياعند نزول العذاب في الدنيا ولم يذكر بأي شيء نادوا وفيه وجوه الأول وهو الأظهر أنهم نادوا بالاستغاثة لأن نداء من نزل به العذاب ليس إلا بالاستغاثة الثاني نادوا بالإيمان والتوبة عند معاينة العذاب الثالث نادوا أي رفعوا أصواتهم يقال فلان أندى صوتاً من فلان أي ارفع صوتاً ثم قال وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ يعني ولم يكن ذلك الوقت وقت فرار من العذاب وهو كقوله فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالاَ مِنَ ( غافر ٨٤ ) وقال حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْئَرُونَ ( المؤمنون ٦٤ ) والجؤار رفع الصوت بالتضرع والاستغاثة وكقوله ءالئَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ( يونس ٩١ ) وقوله فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا