صاحب ( الكشاف ) أَكْفِلْنِيهَا حقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي وَعَزَّنِى غلبني يقال عزه يعزه والمعنى جاءني يحجاج لم أقدر أن أورد عليه ما أورده به وقرىء وعازني من المعازة وهي المغالبة واعلم أن الذين قالوا إن هذين الخصمين كانا من الملائكة زعموا أن المقصود من ذكر النعاج التمثيل لأن داود كان تحته تسع وتسعون امرأة ولم يكن لأوريا إلا امرأة واحدة فذكرت الملائكة تلك الواقعة على سبيل الرمز والتمثيل
ثم قال تعالى قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ أي سؤال إضافة نعجتك إلى نعاجه وروي أنه قال إن رمت ذلك ضربنا منك هذا وهذا وأشار إلى الأنف والجبهة فقال يا داود أنت أحق أن نضرب منك هذا وهذا وأشار إلى الأنف والجبهة فقال يا داود أنت أحق أن نضرب منك هذا وهذا وأنت فعلت كيت وكيت ثم نظر داود فلم ير أحداً فعرف الحال فإن قيل كيف جاز لداود أن يحكم على أحد الخصمين بمجرد قول خصمه قلنا ذكروا فيه وجوهاً الأول قال محدم بن إسحاق فما فرغ الخصم الأول من كلامه نظر داود إلى الخصم الذي لم يتكلم وقال لئن صدق لقد ظلمته والحاصل أن هذا الحكم كان مشروطاً بشرط كونه صادقاً في دعواه والثاني قال ابن الأنباري لما ادعى أحد الخصمين اعترف الثاني فحكم داود علهي لاسلام ولم يذكر الله تعالى ذلك الاعتراف لدلالة ظاهر الكلام عليه كما تقول أمرتك بالتجارة فكسبت تريد اتجرت فكسبت وقال تعالى أَنِ اضْرِب بّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ ( الشعراء ٦٣ ) أي فضرب فانفلق والثالث أن يكون التقدير أن الخصم الذي هذا شأنه يكون قد ظلمك
ثم قال تعالى وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الْخُلَطَاء لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قال الليث خليط الرجل مخالطه وقال الزجاج الخلطاء الشركاء فإن قيل لم خص داود الخلطاء يبغي بعضهم على بعض مع أن غير الخلطاء قذ يفعلون ذلك والجواب لا شك أن المخالطة توجب كثرة المنازعة والمخاصمة وذلك لأنهما إذا اختلطا اطلع كل واحد منهما على أخوال الآخر فكل ما يملكه من الأشياء النفيسة إذا اطلع عليه عظمت رغبته فيه فيفضي ذلك إلى زيادة المخاصمة والمنازعة فلهذا السبب خص داود عليه السلامم الخلطاء بزيادة البغي والعدوان ثم استثنى عن هذا الحكم الذي آمنوا وعلموا الصالحات لأن مخالطة هؤلاء لا تكون إلا لأجل الدين وطلب السعادات الروجانية الحقيقية فلا جرم مخالطتهم لا توجب المنازعة وأما الذين تكون مخالطتهم لأجل حب الدنيا لا بد وأن تصير مخالتطهم سبباً لمزيد البغي والعدوان واعلم أن هذا الاستثناء يدل على أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يبغي بعضهم على بعض فلو كان داود عليه السلام قد بغى وتعدى على ذلك الرجل لزم بحكم فتوى داود أن لا يكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ومعلوم أن ذلك باطل فثبت أن قول من يقول المراد من واقعة النعجة قصة داود قوله باطل
ثم قال تعالى وَقِيلَ مَّا هُم واعلم أن الحكم بقلة أهل الخير كثير في القرآن قال تعالى وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِى َ الشَّكُورُ ( سبأ ١٣ ) وقال داود عليه السلام في هذا الموضع وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وحكى تعالى عن إبليس أنه قال وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ( الأعراف ١٧ ) وسبب القلة أن الدواعي إلى الدنيا كثيرة وهي الحواس الباطنة والظاهرة وهي عشرة والشهود والغضب والقوى الطبيعية السبعة فالمجموع تسعة عشر وافقون على باب جهنم البدن وكلها تدعو إلى الخلق والدنيا واللذة الحسية وأما الداعي إلى الق


الصفحة التالية
Icon