هَاذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَأابٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ هَاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَاذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى النَّارِ وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ الاٌّ شْرَارِ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ
اعلم أنه تعالى لما وصف ثواب المتقين وصف بعده عقاب الطاغين ليكون الوعيد مذكوراً عقيب الوعد والترهيب عقيب الترغيب
واعلم أنه تعالى ذكر من أحوال النار أنواعاً فالأول مرجعهم ومآبهم فقال هَاذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَئَابٍ ( ص ٥٥ ) وهذا في مقابلة قوله هَاذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ ( ص ٤٩ ) فبين تعالى أن حال الطاغين مضاد لحال المتقين واختلفوا في المراد بالطاغين فأكثر المفسرين حملوه على الكفار وقال الجبائي إنه محمول على أصحاب الكبائر سواء كانوا كفاراً أو لم يكونوا كذلك واحتج الأولون بوجوه الأول أن قوله لَشَرَّ مَئَابٍ يقتضي أن يكون مآبهم شراً من مآب غيرهم وذلك لا يليق إلا بالكفار الثاني أنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً وذلك لا يليق إلا بالكفار لأن الفاسق لا يتخذ المؤمن سخرياً الثالث أنه اسم ذم والاسم المطلق محمول على الكامل والكامل في الطغيان هو الكافر واحتج الجبائي على صحة قوله بقوله تعالى إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى ( العلق ٦ ٧ ) وهذا يدل على أن الوصف بالطغيان قد يحصل في حق صاحب الكبيرة ولأن كل من تجاوز عن تكاليف الله تعالى وتعداها فقد طغى ذا عرفت هذا فنقول قال ابن عباس رضي الله عنهما المعنى أن الذين طغوا وكذبوا رسلي لهم شر مآب أي شر مرجع ومصير ثم قال جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا والمعنى أنه تعالى لما حكم بأن الطاغين لهم شر مآب فسره بقوله جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ثم قال فَبِئْسَ الْمِهَادُ وهو كقوله لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ( الأعراف ٤١ ) شبه الله ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفترشه النائم
ثم قال تعالى هَاذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وفيه مسائل
المسألة الأولى فيه وجهان الأول أنه على التقديم والتأخير والتقدير هذا حميم وغساق فليذوقوه الثاني أن يكون التقدير جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه ثم يبتدىء فيقول حميم وغساق


الصفحة التالية
Icon