والغروب فإذا كان إله المشبهة مؤلفاً من الأعضاء والأجزاء كان مركباً فإذا كان العرش كان محدوداً متناهياً وإن كان ينزل من العرش ويرجع إليه كان موصوفاً بالحركة والسكون فهذه الصفات الثلاثة إن كانت منافية للألهية وجب تنزيه الإله عنها بأسرها وذلك يبطل قول المشبهة وإن لم تكن منافية للأهلية فحينئذ لا يقدر أحد على الطعن في إلهية الشمس والقمر
الحجة الحادية عشرة قوله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ( الإخلاص ١ ) ولفظ الأحد مبالغة في الوحدة وذلك ينافي كونه مركباً من الأجزاء والأبعاض
الحجة الثانية عشرة قوله تعالى وَاللَّهُ الْغَنِى ُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء ( محمد ٣٨ ) ولو كان مركباً من الأجزاء والأبعاض لكان محتاجاً إليها وذلك يمنع من كونه غنياً على الإطلاق فثبت بهذه الوجوه أن القول بإثبات الأعضاء والأجزاء لله محال ولما ثبت بالدلائل اليقينية وجوب تنزيه الله تعالى عن هذه الأعضاء فنقول ذكر العلماء في لفظ اليد وجوهاً الأول أن اليد عبارة عن القدرة تقول العرب ما لي بهذا الأمر من يد أي من قوة وطاقة قال تعالى أَوْ يَعْفُوَاْ الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَة ُ النّكَاحِ ( البقرة ٢٣٧ ) الثاني اليد عبارة عن النعمة يقال أيادي فلان في حق فلان ظاهرة والمراد النعم والمراد باليدين النعم الظاهرة والباطنة أو نعم الدين والدنيا الثالث أن لفظ اليد قد يزاد للتأكيد كقول القائل لمن جنى باللسان هذا ما كسبت يداك وكقوله تعالى بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَى ْ رَحْمَتِهِ ( الأعراف ٥٧ )
ولقائل أن يقول حمل اليد على القدرة ههنا غير جائز ويدل عليه وجوه الأول أن ظاهر الآية يقتضي إثبات اليدين فلو كانت اليد عبارة عن القدرة لزم إثبات قدرتين لله وهو باطل والثاني أن الآية تقتضي أن كون آدم مخلوقاً باليدين يوجب فضيلته وكونه مسجوداً للملائكة فلو كانت اليد عبارة عن القدرة لكان آدم مخلوقاً بالقدرة لكن جميع الأشياء مخلوقة بقدرة الله تعالى فكما أن آدم عليه السلام مخلوق بيد الله تعالى فكذلك إبليس مخلوق بيد الله تعالى وعلى تقدير أن تكون عبارة عن القدرة لم تكن هذه العلة علة لكون آدم مسجوداً لإبليس أولى من أن يكون إبليس مسجوداً لآدم وحينئذٍ يختل نظم الآية ويبطل الثالث أنه جاء في الحديث أنه ( ﷺ ) قال ( كلتا يديه يمنى ) ومعلوم أن هذا الوصف لا يليق بالقدرة
وأما التأويل الثاني وهو حمل اليدين على النعمتين فهو أيضاً باطل لوجوه الأول أن نعم الله تعالى كثيرة كما قال وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَة َ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ( إبراهيم ٣٤ ) وظاهر الآية يدل على أن اليد لا تزيد على الإثنتين الثاني لو كانت اليد عبارة عن النعمة فنقول النعمة مخلوقة لله فحينئذٍ لا يكون آدم مخلوقاً لله تعالى بل يكون مخلوقاً لبعض المخلوقات وذلك بأن يكون سبباً لمزيد النقصان أولى من أن يكون سبباً لمزيد الكمال الثالث لو كانت اليد عبارة عن النعمة لكان قوله تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ ( الملك ١ ) معناه تبارك الذي بنعمته الملك ولكان قوله ( بيدك الخير ) معناه بنعمتك الخير ولكان قوله يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ( المائدة ٦٤ ) معناه نعمتان مبسوطتان ومعلوم أن كل ذلك فاسد
وأما التأويل الثالث وهو قوله إن لفظ اليد قد يذكر زيادة لأجل التأكيد فنقول لفظ اليد قد يستعمل في


الصفحة التالية
Icon