آلهة تضر وتنفع وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله من المقربين فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله فأجاب الله تعالى بأن قال أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ وتقرير الجواب أن هؤلاء الكفار إما أن يطمعوا بتلك الشفاعة من هذه الأصنام أو من أولئك العلماء والزهاد الذين جعلت هذه الأصنام تماثيل لها والأول باطل لأن هذه الجمادات وهي الأصنام لا تملك شيئاً ولا تعقل شيئاً فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها والثاني باطل لأن في يوم القيامة لا يملك أحد شيئاً ولا يقدر أحد على الشفاعة إلا بإذن الله فيكون الشفيع في الحقيقة هو الله الذي يأذن في تلك الشفاعة فكان الاشتغال بعبادته أولى من الاشتغال بعبادة غيره وهذا هو المراد من قوله تعالى قُل لِلَّهِ الشَّفَاعَة ُ جَمِيعاً ثم بين أنه لا ملك لأحد غير الله بقوله لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ومنهم من تمسك في نفي الشفاعة مطلقاً بقوله تعالى قُل لِلَّهِ الشَّفَاعَة ُ جَمِيعاً وهذا ضعيف لأنا نسلم أنه سبحانه ما لم يأذن في الشفاعة لم يقدر أحد على الشفاعة فإن قيل قوله اللَّهُ يَتَوَفَّى الاْنفُسَ حِينَ مِوْتِهَا فيه سؤال لأن هذا يدل على أن المتوفى هو الله فقط وتأكد هذا بقوله الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَواة َ ( الملك ٢ ) وبقوله رَبّيَ الَّذِى يُحْى ِ وَيُمِيتُ ( البقرة ٢٥٨ ) وبقوله كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْواتًا فَأَحْيَاكُمْ ( البقرة ٢٨ ) ثم إن الله تعالى قال في آية أخرى قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ ( السجدة ١١ ) وقال في آية ثالثة حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وجوابه أن المتوفى في الحقيقة هو الله إلا أنه تعالى فوض في عالم الأسباب كل نوع من أنواع الأعمال إلى ملك من الملائكة ففوض قبض الأرواح إلى ملك الموت وهو رئيس وتحته أتباع وخدم فأضيف التوفي في هذه الآية إلى الله تعالى بالإضافة الحقيقية وفي الآية الثانية إلى ملك الموت لأنه هو الرئيس في هذا العمل وإلى سائر الملائكة لأنهم هم الأتباع لملك الموت والله أعلم
وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاٌّ خِرَة ِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ والأرض عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة ِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِى مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِى الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سُو ءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَة ِ وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ
اعلم أن هذا نوع آخر من الأعمال القبيحة للمشركين وهو أنك إذا ذكرت الله وحده تقول لا إله إلا الله


الصفحة التالية
Icon