الوقت الذي يحكم فيه بالكسوف والخسوف وذلك لأنا نقول للشمس فلكان أحدهما مركزه مركز العالم ثانيهما مركزه فوق مركز العالم وهو مثل بياض البيض بين صفرته وبين القيض والشمس كرة في الفلك الخارج المركز تدور بدورانه في السنة دورة فإذا جعلت في الجانب الأعلى تكون بعيدة عن الأرض فيقال إنها في الأوج وإذا حصلت في الجانب الأسفل تكون قريبة من الأرض فتكون في الحضيض وأما القمر فله فلك شامل لجميع أجزائه وأفلاكه وفلك آخر هو بعض من الفلك الأول محيط به كالقشرة الفوقانية من البصلة وفلك ثالث في الفلك التحتاني كما كان في الفلك الخارج المركز في فلك الشمس وفي الفلك الخارج المركز كرة مثل جرم الشمس وفي الكرة القمر مركوز كمسمار في كرة مغرق فيها ويسمى الفلك الفوقاني الجوزهر والخارج المركز الفلك الحامل والفلك التحتاني الذي فيه الفلك الحامل الفلك المائل والكرة التي في الحامل تسمى فلك التدوير وكذلك قالوا في الكواكب الخمسة الباقية من السيارات غير أن الفوقاني الذي سموه فلك الجوزهر لم يثبتوه لها فأثبتوا أربعة وعشرين فلكاً الفلك الأعلى وفلك البروج ولزحل ثلاثة أفلاك الممثل والحامل وفلك التدوير وللمشتري ثلاثة كما لزحل وللمريخ كذلك ثلاثة وللشمس فلكان الممثل والخارج والمركز وللزهرة ثلاثة أفلاك كما للعلويات ولعطارد أربعة أفلاك الثلاثة التي ذكرناها في العلويات وفلك آخر يسمونه المدير وللقمر أربعة أفلاك والرابع يسمونه فلك الجوزهر والمدير ليس كالجوزهر لأن المدير غير محيط بالأفلاك عطارد وفلك الجوزهر محيط ومنهم من زاد في الخمسة في كل فلك فلكين آخرين وجعل تدويراتها مركبة منث لاثة أفلاك وقالوا إن بسبب هذه الأجرام تختلف حركات الكواكب ويكون لها عروض ورجوع واستقامة وبطء وسرعة هذا كلامهم على سبيل الاقتناص والاقتصار ونحن نقول لا يبعد من قدرة الله خلق مثل ذلك وأما على سبيل الوجوب فلا نسلم ورجوعها واستقامتها بإرادة الله وكذلك عرضها وطولها وبطؤها وسرعتها وقربها وبعدها هذا تمام الكلام
المسألة الخامسة قال المنجمون الكواكب أحياء بدليل أنه تعالى قال يَسْبَحُونَ وذلك لا يطلق إلا على العاقل نقول إن أردتم القدر الذي يصح به التسبيح فنقول به لأنه ما من شيء من هذه الأشياء إلا وهو يسبح بحمد الله وإن أردتم شيئاً آخر فلم يثبت ذلك والاستعمال لا يدل كما في قوله تعالى في حق الأصنام مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ ( الصافات ٩٢ ) وقوله ( ألا تنطقون ) ثم قال تعالى
وَءَايَة ٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
ولها مناسبة مع ما تقدم من وجهين أحدهما أنه تعالى لما من بإحياء الأرض وهي مكان الحيوانات بين أنه لم يقتصر بل جعل للإنسان طريقاً يتخذ من البحر خيراً ويتوسطه أو يسير فيه كما يسير في البر وهذا حينئذٍ كقوله وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرّ وَالْبَحْرِ ( الإسراء ٧٠ ) ويؤيد هذا قوله تعالى وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ( يس ٤٢ ) إذا فسرناه بأن المراد الإبل فإنها كسفن البراري وثانيهما هو أنه تعالى لما بين سباحة الكواكب في الأفلاك وذكر ما هو مثله وهو سباحة الفلك في البحار ولها وجه ثالث وهي أن الأمور التي أنعم الله بها على عباده منها ضرورة ومنها نافعة والأول للحاجة والثاني للزينة فخلق الأرض وإحياؤها من القبيل الأول فإنها المكان الذي لولاه لما وجد الإنسان ولولا إحياؤها لما عاش والليل والنهار في قوله وَءايَة ٌ لَّهُمُ الَّيْلُ ( يس ٣٧ ) أيضاً من القبيل الأول لأنه الزمان الذي


الصفحة التالية
Icon