ثم قال تعالى أَفَلاَ يَشْكُرُونَ هذه النعم التي توجب العبادة شكراً ولو شكرتم لزادكم من فضله ولو كفرتم لسلبها منكم فما قولكم أفلا تشكرون استدامة لها واستزادة فيها ثم قال تعالى
وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ
ثم بين تعالى غير الركوب والأكل من الفوائد بقوله تعالى وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ وذلك لأن من الحيوانات ما لا يركب كالغنم فقال منافع لتعمها والمشارب كذلك عامة إن قلنا بأن المراد جمع مشرب وهو الآنية فإن من الجلود ما يتخذ أواني للشرب والأدوات من القرب وغيرها وإن قلنا إن المراد المشروب وهو الألبان والأسمان فهي مختصة بالإناث ولكن بسبب الذكور فإن ذلك متوقف على الحمل وهو بالذكور والإناث
ثم قال تعالى أَفَلاَ يَشْكُرُونَ هذه النعم التي توجب العبادة شكراً ولو شكرتم لزادكم من فضله ولو كفرتم لسلبها منكم فما قولكم أفلا تشكرون استدامة لها واستزادة فيها ثم قال تعالى
وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ ءَالِهَة ً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ
إشارة إلى بيان زيادة ضلالهم ونهايتها فإنهم كان الواجب عليهم عبادة الله شكراً لأنعمه فتركوها وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع وتوقعوا منه النصرة مع أنهم هم الناصرون لهم كما قال عنهم حَرّقُوهُ وَانصُرُواْ ءالِهَتَكُمْ ( الأنبياء ٦٨ ) وفي الحقيقة لا هي ناصرة ولا منصورة وقوله تعالى
لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مٌّ حْضَرُونَ
إشارة إلى الحشر بعد تقرير التوحيد وهذا كقوله تعالى إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ( الأنبياء ٩٨ ) وقوله احْشُرُواْ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْواجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِراطِ الْجَحِيمِ ( الصافات ٢٢ ٢٣ ) وقوله أُوْلَئِكَ فِى الْعَذَابِ ( سبأ ٣٨ ) وهو يحتمل معنيين أحدهما أن يكون العابدون جنداً لما اتخذوه آلهة كما ذكرنا الثاني أن يكون الأصنام جنداً للعابدين وعلى هذا ففيه معنى لطيف وهو أنه تعالى لما قال لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ أكدها بأنهم لا يستطيعون نصرهم حال ما يكونون جنداً لهم ومحضرون لنصرتهم فإن ذلك دال على عدم الاستطاعة فإن من حضر واجتمع ثم عجز عن النصرة يكون في غاية الضعف بخلاف م نلم يكن متأهباً ولم يجمع أنصاره
فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَة ٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّ بِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِى َ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحى ِ الْعِظَامَ وَهِى َ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّة ٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ
وقوله تعالى فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إشارة إلى الرسالة لأن الخطاب معه بما يوجب تسلية قلبه دليل اجتبائه واختياره إياه
وقوله تعالى إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ بِهِ عِندَ رَبّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ من النفاق وَمَا يُعْلِنُونَ من الشرك والثاني ما يسرون من العلم بك وما يعلنون من الكفر بك الثالث ما يسرون من العقائد الفاسدة وما يعلنون من الأفعال القبيحة
ثم إنه تعالى لما ذكر دليلاً من الآفاق على وجوب عبادته بقوله أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعاماً ( يس ٧١ ) ذكر دليلاً من الأنفس فقال أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَة ٍ قيل إن المراد بالإنسان أبيّ بن خلف فإن الآية وردت فيه حيث أخذ عظماً بالياً وأتى النبي ( ﷺ ) وقال إنك تقول إن إلهك يحيي هذه العظام فقال رسو الله ( ﷺ ) نعم ويدخلك جهنم وقد ثبت في أصول الفقه أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ألا ترى أن قوله تعالى قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا ( المجادلة ١ ) عمومها فنقول فيها لطائف


الصفحة التالية
Icon