بالشمس فهذا هو المراد من قوله نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى الْحَيَواة ِ وَفِي الاْخِرَة ِ ثم قال وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ قال ابن عباس وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ أي ما تتمنون كقوله تعالى لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَة ٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ ( يس ٥٧ ) فإن قيل فعلى هذا التفسير لا يبقى فرق بين قوله وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ وبين قوله وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ قلنا الأقرب عندي أن قوله وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنفُسُكُمْ إشارة إلى الجنة الجسمانية وقوله وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ إشارة إلى الجنة الروحانية المذكورة في قوله دَعْواهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَءاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ ( يونس ١٠ )
ثم قال نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ والنزل رزق النزيل وهو الضيف وانتصابه على الحال قال العارفون دلّت هذه الآية على أن كل هذه الأشياء المذكورة جارية مجرى النزل والكريم إذ أعطى النزل فلا بد وأن يبعث الخلع النفسية بعدها وتلك الخلع النفسية ليست إلا السعادات الحاصلة عند الرؤية والتجلي والكشف التام نسأل الله تعالى أن يجعلنا لها أهلاً بفضله وكرمه إنه قريب مجيب
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَة ُ وَلاَ السَّيِّئَة ُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِى َ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَة ٌ كَأَنَّهُ وَلِى ٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظِّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
اعلم أن في الآية مسائل
المسألة الأولى أنا ذكرنا أن الكلام من أول هذه السورة إنما ابتدىء حيث قالوا للرسول قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّة ٍ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ ( فصلت ٥ ) ومرادهم ألا نقبل قولك ولا نلتفت إلى دليلك ثم ذكروا طريقة أخرى في السفاهة فقالوا لاَ تَسْمَعُواْ لِهَاذَا الْقُرْءانِ وَالْغَوْاْ فِيهِ ( فصلت ٢٦ ) وإنه سبحانه ذكر الأجوبة الشافية والبيانات الكافية في دفع هذه الشبهات وإزالة هذه الضلالات ثم إنه سبحانه وتعالى بيّن أن القوم وإن أتوا بهذه الكلمات الفاسدة إلا أنه يجب عليك تتابع المواظبة على التبليغ والدعوة فإن الدعوة إلى الدين الحق أكمل الطاعات ورأس العبادات وعبّر عن هذا المعنى فقال وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فهذا وجه شريف حسن في نظم آيات هذه السورة وفيه وجه آخر وهو أن مراتب


الصفحة التالية
Icon