إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَة ِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِى قَالُوا ءَاذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ لاَّ يَسْأمُ الا نْسَانُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَة ً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَاذَا لِى وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَة َ قَآئِمَة ً وَلَئِن رُّجِّعْتُ إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِى الاٌّ فَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَى ْءٍ شَهِيدٌ أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَة ٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَى ْءٍ مُّحِيطُ
واعلم أنه تعالى لما هدد الكفار في هذه الآية المتقدمة بقوله مَّنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ( فصلت ٤٦ ) ومعناه أن جزاء كل أحد يصل إليه في يوم القيامة وكأن سائلاً قال ومتى يكون ذلك اليوم فقال تعالى إنه لا سبيل للخلق إلى معرفة ذلك اليوم ولا يعلمه إلا الله فقال إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَة ِ وهذه الكلمة تفيد الحصر أي لا يعلم وقت الساعة بعينه إلا الله وكما أن هذا العلم ليس إلا عند الله فكذلك العلم بحدوث الحوادث المستقبلة في أوقاتها المعينة ليس إلا عند الله سبحانه وتعالى ثم ذكر من أمثلة هذا الباب مثالين أحدهما قوله وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَراتٍ مّنْ أَكْمَامِهَا والثاني قوله وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ قال أبو عبيدة أكمامه أوعيتها وهي ما كانت فيه الثمرة واحدها كم وكمة قرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم من ثمرات بالألف على الجمع والباقون من ثمرة بغير ألف على الواحد
واعلم أن نظير هذه الآية قوله إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَة ِ وَيُنَزّلُ الْغَيْثَ ( القمان ٣٤ ) إلى آخر لآية فإن قيل أليس أن المنجمين قد يتعرفون من طالع سنة العالم أحوالاً كثيرة من أحوال العالم وكذلك قد يتعرفون من طوالع الناس أشياء من أحوالهم وههنا شيء آخر يسمى علم الرمل وهو كثير الإصابة وأيضاً علم التعبير بالاتفاق قد يدل على أحوال المغيبات فكيف الجمع بين هذه العلوم المشاهدة وبين هذه الآية قلنا إن أصحاب هذه العلوم لا يمكنهم القطع والجزم في شيء من المطالب ألبتة وإنما الغاية القصوى ادعاء ظن ضعيف والمذكور في هذه الآية أن علمها ليس إلا عند الله والعلم هو الجزم واليقين وبهذ لطريق زالت المنافاة والله أعلم ثم إنه تعالى لما ذكر القيامة أردفه بشيء من أحوال يوم القيامة وهذا االذي ذكره ههنا شديد التعلق أيضا ً


الصفحة التالية
Icon