أنه تعالى حكى عنهم أنهم يستغفرون لمن في الأرض ولم يحك عنهم أنهم يطلبون الرحمة لمن في الأرض فقال أَلاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ يعني أنه يعطي المغفرة التي طلبوها ويضم إليها الرحمة الكاملة التامة
ثم قال تعالى وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء أي جعلوا له شركاء وأنداداً اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ أي رقيب على أحوالهم وأعمالهم لا يفوته منها شيء وهو محاسبهم عليها لا رقيب عليهم إلا هو وحده وما أنت يا محمد بمفوض إليك أمرهم ولا قسرهم على الإيمان إنما أنت منذر فحسب
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِى الْجَنَّة ِ وَفَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّة ً وَاحِدَة ً وَلَاكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِى ٍّ وَلاَ نَصِيرٍ أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِى ُّ وَهُوَ يُحْى ِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَى ْءٍ قَدِيرٌ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَى ْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ والأرض جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الاٌّ نْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَى ْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَهُ مَقَلِيدُ السَّمَاوَاتِ والأرض يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَى ْءٍ عَلِيمٌ
واعلم أن كلمة ( ذلك ) للإشارة إلى شيء سبق ذكره فقوله وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءاناً عَرَبِيّاً يقتضي تشبيه وحي الله بالقرآن بشيء هاهنا قد سبق ذكره وليس هاهنا شيء سبق ذكره يمكن تشبيه وحي القرآن به إلا قوله وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ( الشورى ٦ ) يعني كما أوحينا إليك أنك لست حفيظاً عليهم ولست وكيلاً عليهم فكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتكون نذيراً لهم وقوله تعالى لّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى أي لتنذر أهل أم القرى لأن البلد لا تعقل وهو كقوله وَاسْئَلِ الْقَرْيَة َ ( يوسف ٨٢ ) وأم القرى أصل القرى وهيب مكة وسميت بهذا الاسم إجلالاً للها لأن فيها البيت ومقام إبراهيم والعرب تسمي أصل كل شيء أمة حتى يقال هذه القصيدة من أمهات قصائد فلان ومن حولها من أهل البدو والحضر وأهل المدر والإنذار التخويف فإن قيل فظاهر اللفظ يقتضي أن الله تعالى إنما أوحي إليه لينذر أهل مكة وأهل القرى المحيطة بمكة وهذا يقتضي أن يكون رسولاً إليهم فقط وأن لا يكون رسولاً إلى كل العالمين الجواب أن


الصفحة التالية
Icon