إجابة دعاء المؤمنين تكون على سلبيل التشريف وإجابة دعاء الكافرين تكون على سبيل الاستدراج ثم قال وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ أي يزيدهم على ما طلبوه بالدعاء وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ والمقصود التهديد
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الأرض وَلَاكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ وَهُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِى ُّ الْحَمِيدُ وَمِنْ ءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ والأرض وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّة ٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَة ٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الأرض وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِى ٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
في الآية مسائل
المسألة الأولى اعلم أنه تعالى لما قال في الآية الأولى إنه يجيب دعاء المؤمنين ورد عليه سؤال وهو أن المؤمن قد يكون في شدة وبلية وفقر ثم يدعو فلا يشاهد أثر الإجابة فكيف الحال فيه مع ما تقدم من قوله وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ ءامَنُواْ فأجاب تعالى عنه بقوله وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الاْرْضِ أي ولأقدموا على المعاصي ولما كان ذلك محذوراً وجب أن يعطيهم ما طلبوه قال الجبائي هذه الآية تدل على بطلان قول المجبرة من وجهين الأول أن حاصل الكلام أنه تعالى لَوْ بَسَطَ الرّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الاْرْضِ والبغي في الأرض غير مراد فإرادة بسط الرزق غير حاصلة فهذا الكلام إنما يتم إذا قلنا إنه تعالى يريد البغي في الأرض وذلك يوجب فساد قول المجبرة الثاني أنه تعالى بيّن أنه إنما لم يرد بسط الرزق لأنه يفضي إلى المفسدة فلما بيّن تعالى أنه لا يريد ما يفضي إلى المفسدة فبأن لا يكون مريداً للمفسدة كان أولى أجاب أصحابنا بأن الميل الشديد إلى البغي والقسوة والقهر صفة حدثت بعد أن لم تكن فلا بد لها من فاعل وفاعل هذه الأحوال إما العبد أو الله والأول باطل لأنه إنما يفعل هذه الأشياء لو مال طبعه إليها فيعود السؤال في أنه من المحدث لذلك الميل الثاني ويلزم التسلسل وأيضاً فالميل الشديد إلى الظلم ولاقسوة عيوب ونقصانات والعاقل لا يرضى بتحصيل موجبات النقصان لنفسه ولما بطل هذا ثبت أن محدث هذا الميل والرغبة هو الله تعالى ثم أورد الجبائي في ( تفسيره ) على نفسه سؤالاً قال فإن قيل أليس قد بسط الله الرزق لبعض عباده مع أنه بغى وأجاب عنه بأن الذي عنده الرزق وبغى كان المعلوم من حاله أنه يبغي على كل حال سواء أعطى ذلك الرزق أو لم يعط وأقول هذا الجواب فاسد ويدل عليه القرآن


الصفحة التالية
Icon