خلقت هذه الحيوانات لأجل أن أخلق سبحان الله في لسان العبد وهذا بالطل لأنه تعالى قارد على أن يخلق هذا اللفظ في لسانه بدون هذه الوسايط
واعلم أن الكلام على هذه الوجوه معلوم فلا فائدة في الإعادة
ثم قال تعالى وَإِنَّا إِلَى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ واعلم أن وجه اتصال هذا الكلام بما قبله أن ركوب الفلك في خطر الهلاك فإنه كثيراً ما تنكسر السفينة ويهلك الإنسان وراكب الدابة أيضاً كذلك لأن الدابة قد يتفق لها اتفاقات توجب هلاك الراكب وإذا كان كذلك فركوب الفلك والدابة يوجب تعريض النفس للهلاك فوجب على الراكب أن يتذكر أمر الموت وأن يقطع أنه هالك لا محالة وأنه منقلب إلى الله تعالى وغير منقلب من قضائه وقدره حتى لو اتفق له ذلك المحذور كان قد وطن نفسه على الموت
وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَة ِ وَهُوَ فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ وَجَعَلُواْ الْمَلَائِكَة َ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْألُونَ
اعلم أنه تعالى لما قال وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ( الزخرف ٩ ) بين أنهم مع إقرارهم بذلك جعلوا له من عباده جزءاً والمقصود منه التنبيه على قلة عقولهم وسخافة عقولهم وفي الآية مسائل
المسألة الأولى قرأ عاصم في رواية أبي بكر جُزْء بضم الزاي والهمزة في كل القرآن وهما لغتان وأما حمزة فإذا وقف عليه قال جزا بفتح الزاي بلا همزة
المسألة الثانية في المراد من قوله وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءا قولان الأول وهو المشهور أن المراد أنهم أثبتوا له ولداً وتقرير الكلام أن ولد الرجل جزء منه قال عليه السلام ( فاطمة بضعة مني ) ولأن المعقول من الوابد أن ينفصل عنه جزء من أجزائه ثم يتربى ذلك الجزء ويتولد منه شخص مثل ذلك اوصل وإذا كان كذلك فولد الرجل جزء منه وبعض منه فقوله وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءا معنى جعلوا حكموا وأثبتوا وقالوا به والمعنى أنهم أثبتوا له جزءاً وذلك الجزء هو عبد من عباده
واعلم أنه لو قال وجعلوا لعباده منه جزءاً أفاد ذلك أنهم أثبتوا أنه حصل جزء من أجزائه في بعض


الصفحة التالية
Icon