لولدنا منك يا رجال مَلَئِكَة ٌ ضَلَلْنَا فِى الاْرْضِ كما يخلفكم أولادكم كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل لتعرفوا تميزنا بالقدرة الباهرة ولتعرفوا أن دخول التوليد والتولد في الملائكة أمر ممكن وذات الله متعالية عن ذلك وَأَنَّهُ أي عيسى لَعِلْمٌ لّلسَّاعَة ِ شرط من أشراطها تعلم به فسمي الشرط الدال على الشيء علماً لحصول العلم به وقرأ ابن عباس لَعِلْمٌ وهو العلامة وقرىء للعلم وقرأ أبي لذكر وفي الحديث ( أن عيسى ينزل على ثنية في الأرض المقدسة يقال لها أفيق وبيده حربة وبها يقتل الدجال فيأتي ببيت المقدس في صلاة الصبح والإمام يؤم بهم فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد ( ﷺ ) ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ويخرب البيع والكنائس ويقتل النصارى إلا من آمن به ) فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا من المرية وهو الشك وَاتَّبِعُونِ واتبعوا هداي وشرعي هَاذَا صِراطٌ مُّسْتَقِيمٌ أي هذا الذي أدعوكم إليه صراط مستقيم وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ قد بانت عداواته لكم لأجل أنه هو الذي أخرج أباكم من الجنّة ونزع عنه لباس النور
وَلَمَّا جَآءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَة ِ وَلأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَاذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الاٌّ حْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَة َ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة ً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
اعلم أنه تعالى ذكر أنه لما جاء عيسى بالمعجزات وبالشرائع البينات الواضحات قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَة ِ وهي معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله وَلابَيّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِى تَخْتَلِفُونَ فِيهِ يعني أن قوم موسى كانوا قد اختلفوا في أشياء من أحكام التكاليف واتفقوا على أشياء فجاء عيسى ليبين لهم الحق في تلك المسائل الخلافية وبالجملة فالحكمة معناها أصول الدين لَهُمُ الَّذِى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ معناه فروع الدين فإن قيل لم لم يبين لهم كل الذي يختلفون فيه قلنا لأن الناس قد يختلفون في أشياء لا حاجة بهم إلى معرفتها فلا يجب على الرسول بيانها ولما بين الأصول والفروع قال فَاتَّقُواْ اللَّهَ في الكفر به والإعراض عن دينه وَأَطِيعُونِ فيما أبلغه إليكم من التكاليف إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ هَاذَا صِراطٌ مُّسْتَقِيمٌ والمعنى ظاهر فَاخْتَلَفَ الاْحْزَابُ أي الفرق المتحزبة بعد عيسى وهم الملكانية واليعقوبية والنسطورية وقيل اليهود والنصارى فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ وهو وعيد بيوم الأحزاب فإن قيل قوله مِن بَيْنِهِمْ الضمير فيه إلى من يرجع قلنا إلى الذين خاطبهم عيسى في قوله قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَة ِ وهم قومه
ثم قال هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَة َ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة ً فقوله أن تأتيهم بدل من الساعة والمعنى هل ينظرون


الصفحة التالية
Icon