وأقسم بقيله يا رب أو وقيله يا رب قسمي وأقوله هذا الذي ذكره صاحب ( الكشاف ) متكلف أيضاً وههنا إضمار امتلأ القرآن منه وهو إضمار اذكر والتقدير واذكر قيله يا رب وأما القراءة بالجر فالتقدير واذكر وقت قيله يا رب وإذا وجب التزام الإضمار فلأن يضمر شيئاً جرت العادة في القرآن بالتزام إضمار أولى من غيره وعن ابن عباس أنه قال في تفسير قوله وَقِيلِهِ يارَبّ رَبّ المراد وقيل يا رب والهاء زيادة
البحث الثاني القيل مصدر كالقول ومنه قول النبي ( ﷺ ) ( نهى عن قيل وقال ) قال الليث تقول العرب كثر فيه القيل والقال وروى شمر عن أبي زيد يقال ما أحسن قيلك وقولك وقالك ومقالتك خمسة أوجه
البحث الثالث الضمير في قيله لرسول الله ( ﷺ )
البحث الرابع أن النبي ( ﷺ ) لما ضجر منهم وعرف إصرارهم أخبر عنهم أنهم قوم لا يؤمنون وهو قريب مما حكى الله عن نوح أنه قال رَّبّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً ( نوح ٢١ )
ثم إنه تعالى قال له فَاصْفَحْ عَنْهُمْ فأمره بأن يصفح عنهم وفي ضمنه منعه من أن يدعو عليهم بالعذاب والصفح هو الإعراض
ثم قال وَقُلْ سَلَامٌ قال سيبويه إنما معناه المتاركة ونظيره قول إبراهيم لأبيه سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي ( مريم ٤٧ ) وكقوله سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِى الْجَاهِلِينَ ( القصص ٥٥ )
قوله فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ والمقصود منه التهديد وفيه مسائل
المسألة الأولى قرأ نافع وابن عامر تعلمون بالتاء على الخطاب والباقون بالياء كناية عن قوم لا يؤمنون
المسألة الثانية احتج قوم بهذه الآية على أنه يجوز السلام على الكافر وأقول إن صظح هذا الاستدلال فهذا يوجب الاقتصار على نجرد قوله سلام وأن يقال للمؤمن سلام عليكم والمقصود التنبيه على التحية التي تذكر للمسلم والكافر
المسألة الثالثة قال ابن عباس قوله تعالى فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ منسوخ بآية السيف وعندي أن التزام النسخ في أمثال هذه المواضع مشكل لأن الأمر لا يفيد الفعل إلا مرة واحدة فإذا أتى به مرة واحدة فقد سقطت دلالة اللفظ فأي حاجة فيه إلى التزام النسخ وأيضاً فمثله يمين الفور مشهورة عند الفقهاء وهي دالة على أن اللفظ قد يتقيد بحسب قرينة العرف وإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة فيه إلى التزام النسخ والله أعلم بالصواب


الصفحة التالية
Icon