النبي ( ﷺ ) ( لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم ما أدري أكان تبع نبياً أو غير نبي ) فإن قيل ما معنى قوله أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ مع أنه لا خير في الفريقين قلنا معناه أهم خير في القوة والشوكة كقوله أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مّنْ أُوْلَئِكُمْ ( القمر ٤٣ ) بعد ذكر آل فرعون ثم إنه تعالى ذكر الدليل القاطع على القول بالبعث والقيامة فقال وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ ولو لم يحصل البعث لكان هذا الخلق لعباً وعبثاً وقد مرّ تقرير هذه لطريقة بالاستقصاء في أول سورة يونس وفي آخر سورة قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حيث قال أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ( المؤمنون ١١٥ ) وفي سورة ص حيث قال دوما خلقنا السماء والأرض وما بينهم باطلاً ( ص ٢٧ )
ثم قال ( ص ٢٧ )
ثم قال مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقّ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ والمراد أهل مكة وأما استدلال المعتزلة بهذه الآية على أنه تعالى لا يخلق الكفر والفسق ولا يريدهما فهو مع جوابه معلوم والله أعلم
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ إِنَّ شَجَرَة َ الزَّقُّومِ طَعَامُ الاٌّ ثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِى فِى الْبُطُونِ كَغَلْى ِ الْحَمِيمِ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَآءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ إِنَّ هَاذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ
اعلم أن المقصود من قوله وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ ( الدخان ٣٨ ) إثبات القول بالبعث والقيامة فلا جرم ذكر عقيبه قوله إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ وفي تسمية يوم القيامة بيوم الفصل وجوه الأول قال الحسن يفصل الله فيه بين أهل الجنة وأهل النار الثاني يفصل في الحكم والقضاء بين عباده الثالث أنه في حق المؤمنين يوم الفصل بمعنى أنه يفصل بينه وبين كل ما يكرهه وفي حق الكفار بمعنى أنه يفصل بينه وبين كل ما يريده الرابع أنه يظهر حال كل أحد كما هو فلا يبقى في حاله ريبة ولا شبهة فتنفصل الخيالات والشبهات وتبقى الحقائق والبينات قال ابن عباس رضي الله عنهما المعنى أن يوم يفصل الرحمن بين عبداه ميقاتهم أجمعين البر والفاخر ثم وصف ذلك اليوم فقال أَجْمَعِينَ يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً يريد قريب عن قريب وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ أي ليس لهم ناصر والمعنى أن الذي يتوقع منه النصرة إما القريب في الدين أو في النسب أو المعتق وكل هؤلاء يسمون بالمولى فلما لم تحصل النصرة منهم فبأن لا تحصل ممن سواهم أولى وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا إلى قوله وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ( البقرة ١٢٣ ) قال الواحدي والمراد بقوله مَوْلًى عَن مَّوْلًى الكفار ألا


الصفحة التالية
Icon