للشبهة تحرك الإعراب لأن الفعل محل يرد عليه الرفع والنصب ولا يوجد فيه الجر فاختيرت الكسرة التي لا يخفى على أحد أنها ليست بجر لأن الفعل لا يجوز فيه الجر ولو لاشتبه بالنصب وأما في أواخر الأسماء فلا اشتباه لأن الأسماء محل ترد عليه الحركات الثلاث فلم يكن يمكن الاحتراز فاختاروا الأخف وأما إن قلنا إنها حرف مقسم به فحقها الجر ويجوز النصب بجعله مفعولاً باقسم على وجه الاتصال وتقدير الباء كأن لم يوجد وإن قلنا هي اسم السورة فإن قلنا مقسم بها مع ذلك فحقها الفتح لأنها لا تنصرف حينئذ ففتح في موضع الجر كما تقول وإبراهيم وأحمد في القسم بهما وإن قلنا إنه ليس مقسماً بها وقلنا اسم السورة فحقها الرفع إن جعلناها خبراً تقديره هذه ق وإن قلنا هو من قفا يقفو فحقه التنوين كقولنا هذا داع وراع وإن قلنا اسم جبل فالجر والتنوين وإن كان قسماً ولنعد إلى التفسير فنقول الوصف قد يكون للتمييز وهو الأكثر كقولنا الكلام القديم ليتميز عن الحادث والرجل الكريم ليمتاز عن اللئيم وقد يكون لمجرد المدح كقولنا الله الكريم إذ ليس في الوجود إلاه آخر حتى نميزه عنه بالكريم وفي هذا الموضع يحتمل الوجهين والظاهر أنه لمجرد المدح وأما التمييز فبأن نجعل القرآن اسماً للمقروء ويدل عليه قوله تعالى وَلَوْ أَنَّ قُرْانًا سُيّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ( الرعد ٣١ ) والمجيد العظيم وقيل المجيد هو كثير الكرم وعلى الوجهين القرآن مجيد أما على قولنا المجيد هو العظيم فلأن القرآن عظيم الفائدة ولأنه ذكر الله العظيم وذكر العظيم عظيم ولأنه لم يقدر عليه أحد من الخلق وهو آية العظمة يقال ملك عظيم إذا لم يكن يغلب ويدل عليه قوله تعالى وَلَقَدْ ءاتَيْنَاكَ سَبْعًا مّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءانَ الْعَظِيمَ ( الحجر ٨٧ ) أي الذي لا يقدر على مثله أحد ليكون معجزة دالة على نبوتك وقوله تعالى بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ( البروج ٢١ ٢٢ ) أي محفوظ من أن يطلع عليه أحد إلا باطلاعه تعالى فلا يبدل ولا يغير و لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ ( فصلت ٤٢ ) فهو غير مقدور عليه فهو عظيم وأما على قولنا المجيد هو كثير الكرم فالقرآن كريم كل من طلب منه مقصوده وجده وإنه مغن كل من لاذبه وإغناء المحتاج غاية الكرم ويدل عليه هو أن المجيد مقرون بالحميد في قولنا إنك حميد مجيد فالحميد هو المشكور والشكر على الإنعام والمنعم كريم فالمجيد هو الكريم البالغ في الكرم وفيه مباحث
الأول القرآن مقسم به فالمقسم عليه ماذا نقول فيه وجوه وضبطها بأن نقول ذلك إما أن يفهم بقرينة حالية أو قرينة مقالية والمقالية إما أن تكون متقدمة على المقسم به أو متأخرة فإن قلنا بأنه مفهوم من قرينة مقالية متقدمة فلا متقدم هناك لفظاً إلا ق فيكون التقدير هذا ق وَالْقُرْءانِ الْمَجِيدِ أو ق أنزلها الله تعالى وَالْقُرْءانِ كما يقول هذا حاتم والله أي هو المشهور بالسخاء ويقول الهلال رأيته والله وإن قلنا بأنه مفهوم من قرينة مقالية متأخرة فنقول ذلك أمران أحدهما المنذر والثاني الرجع فيكون التقدير والقرآن المجيد إنك المنذر أو والقرآن المجيد إن الرجع لكائن لأن الأمرين ورد القسم عليهما ظاهراً أما الأول فيدل عليه قوله تعالى يس وَالْقُرْءانِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إلى أن قال لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ ( ي س ١ ٦ ) وأما الثاني فدل عليه قوله تعالى وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ إلى أن قال إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ ( الطور ١ ٧ ) وهذا الوجه يظهر عليه غاية الظهور على قول من قال ق اسم جبل فإن القسم يكون بالجبل والقرآن وهناك القسم بالطور والكتاب المسطور وهو الجبل والقرآن فإن قيل أي الوجهين منهما أظهر عندك قلت الأول لأن المنذر أقرب من الرجع ولأن الحروف رأيناها مع القرآن والمقسم كونه


الصفحة التالية
Icon