والانقطاع فهو وقت التسبيح أو نقول بالعكس الليل محل النوم والثبات والغفلة فقال أما الليل فلا تجعله للغفلة بل اذكر فيه ربك ونزهه
البحث الرابع مِنْ في قوله وَمِنَ الَّيْلِ يحتمل وجهين أحدهما أن يكون لابتداء الغاية أي من أول الليل فسبحه وعلى هذا فلم يذكر له غاية لاختلاف ذلك بغلبة النوم وعدمها يقال أنا من الليل أنتظرك ثانيهما أن يكون للتبعيض أي اصرف من الليل طرفاً إلى التسبيح يقال من مالك منع ومن الليل انتبه أي بعضه
البحث الخامس قوله وَأَدْبَارَ السُّجُودِ عطف على ماذا نقول يحتمل أن يكون عطفاً على ما قبل الغروب كأنه تعالى قال ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب وأدبار السجود ) وذكر بينهما قوله وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبّحْهُ وعلى هذا ففيه ما ذكرنا من الفائدة وهي الأمر بالمداومة كأنه قال سبح قبل طلوع الشمس وإذا جاء وقت الفراغ من السجود قبل الطلوع فسبح وسبح قبل الغروب وبعد الفراغ من السجود قبل الغروب سبحه فيكون ذلك إشارة إلى صرف الليل إلى التسبيح ويحتمل أن يكون عطفاً على وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبّحْهُ وعلى هذا يكون عطفاً على الجار والمجرور جميعاً تقديره وبعض الليل ( فسبحه وأدبار السجود ) ثم قال تعالى
وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ
هذا إشارة إلى بيان غاية التسبيح يعني اشتغل بتنزيه الله وانتظر المنادي كقوله تعالى وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ( الحجر ٩٩ ) وفيه مسائل
المسألة الأولى ما الذي يستمعه قلنا يحتمل وجوهاً ثلاثة أحدها أن يترك مفعوله رأساً ويكون المقصود كن مستمعاً ولا تكن مثل هؤلاء المعرضين الغافلين يقال هو رجل سميع مطيع ولا يراد مسموع بعينه كما يقال فلان وكاس وفلان يعطي ويمنع ثانيهما استمع لما يوحي إليك ثالثها استمع نداء المنادي
المسألة الثانية يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ منصوب بأي فعل نقول هو مبني على المسألة الأولى إن قلنا استمع لا مفعول له فعامله ما يدل عليه قوله تعالى يَوْمُ الْخُرُوجِ ( ق ٤٢ ) تقديره يخرجون يوم ينادي المنادي وإن قلنا مفعوله لما يوحى فتقديره ( واستمع ) لما يوحى ( يوم ينادي ) ويحتمل ما ذكرنا وجهاً آخر وهو ما يوحي أي ما يوحى يَوْمٍ يُنَادِ الْمُنَادِ اسمعه فإن قيل استمع عطف على فاصبر وسبح وهو في الدنيا والاستماع يكون في الدنيا وما يوحى يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ لا يستمع في الدنيا نقول ليس بلازم ذلك لجواز أن يقال صل وادخل الجنة أي صل في الدنيا وادخل الجنة في العقبى فكذلك ههنا ويحتمل أن يقال بأن استمع بمعنى انتظر فيحتمل الجمع في الدنيا وإن قلنا استمع الصيحة وهو نداء المنادي يا عظام انتشري والسؤال الي ذكره علم الجواب منه وجواب آخر نقوله حينئذ وهو أن الله تعالى قال وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الاْرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ ( الزمر ٦٨ ) قلنا إن


الصفحة التالية
Icon