وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مّنَ السَّمَاء سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ( الطور ٤٤ ) وهذه الآية إشارة إلى دليل الآفاق وقوله من قبل أَمْ خَلَقُواْ ( الطور ٣٧ ) دليل الأنفس
أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ
فيه وجوه أحدها المراد من الخزائن خزائن الرحمة ثانيها خزائن الغيب ثالثها أنه إشارة إلى الأسرار الإلاهية المخفية عن الأعيان رابعها خزائن المخلوقات التي لم يرها الإنسان ولم يسمع بها وهذه الوجوه الأول والثاني منقول والثالث والرابع مستنبط وقوله تعالى أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ تتمة للرد عليهم وذلك لأنه لما قال أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ إشارة إلى أنهم ليسوا بخزنة ( رحمة ) الله فيعلموا خزائن الله وليس بمجرد انتفاء كونهم خزنة ينتفي العلم لجواز أن يكون مشرفاً على الخزانة فإن العلم بالخزائن عند الخازن والكاتب في الخزانة فقال لستم بخزنة ولا بكتبة الخزانة المسلطين عليها ولا يبعد تفسير المسيطرين بكتبة الخزانة لأن التركيب يدل على السطر وهو يستعمل في الكتاب وقيل المسيطر المسلط وقرىء بالصاد وكذلك في كثير من السيئات التي مع الطاء كما في قوله تعالى بِمُسَيْطِرٍ ( الغاشية ٢٢ ) و ( قد قرىء ) مصيطر
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
وهو أيضاً تتميم للدليل فإن من لا يكون خازناً ولا كاتباً قد يطلع على الأمر بالسماع من الخازن أو الكاتب فقال أنتم لستم بخزنة ولا كتبة ولا اجتمعتم بهم لأنهم ملائكة ولا صعود لكم إليهم وفيه مسائل
المسألة الأولى المقصود نفي الصعود ولا يلزم من نفي السلم لهم نفي الصعود فما الجواب عنه نقول النفي أبلغ من نفي الصعود وهو نفي الاستماع وآخر الآية شامل للكل قال تعالى فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
المسألة الثانية السلم لا يستمع فيه وإنما يستمع عليه فما الجواب نقول من وجهين أحدهما ما ذكره الزمخشري أن المراد يَسْتَمِعُونَ صاعدين فيه وثانيهما ما ذكره الواحدي أن في بمعنى على كما في قوله تعالى وَلاصَلّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ النَّخْلِ ( طه ٧١ ) أي جذوع النخل وكلاهما ضعيف لما فيه من الإضمار والتغيير
المسألة الثالثة لم ترك ذكر مفعول يَسْتَمِعُونَ وماذا هو نقول فيه وجوه أحدها المستمع هو الوحي أي هل لهم سلم يستمعون فيه الوحي ثانيها يستمعون ما يقولون من أنه شاعر وأن لله شريكاً وأن الحشر لا يكون ثالثها ترك المفعول رأساً كأنه يقول هل لهم قوة الاستماع من السماء حتى يعلموا أنه ليس برسول وكلامه ليس بمرسل
المسألة الرابعة قال فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم ولم يقل فليأتوا كما قال تعالى فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مّثْلِهِ ( الطور ٣٤ ) نقول طلب منهم ما يكون أهون على تقدير صدقهم ليكون اجتماعهم عليه أدل على بطلان قولهم فقال هناك فَلْيَأْتُواْ أي اجتمعوا عليه وتعاونوا وأتوا بمثله فإن ذلك عند الاجتماع أهون وأما الارتقاء في السلم بالاجتماع ( فإنه ) متعذر لأنه لا يرتقي إلا واحد بعد واحد ولا يحصل في الدرجة العليا إلا


الصفحة التالية
Icon