المسألة الثالثة في قوله سَاقِطاً فائدة لا تحصل في غير السقوط وذلك لأن عندهم لا يجوز الانفصال على السماوات ولا يمكن نزولها وهبوطها فقال ساقطاً ليكون مخالفاً لما يعتقدونه من وجهين أحدهما الانفصال والآخر السقوط ولو قال وإن يروا كسفاً منفصلاً أو معلقاً لما حصلت هذه الفائدة
المسألة الرابعة في قوله يَقُولُواْ فائدة أخرى وذلك لأنه يفيد بيان العناد الذي هو مقصود سرد الآية وذلك لأنهم في ذلك الوقت يستخرجون وجوهاً حتى لا يلزمهم التسليم فيقولون سحاب قولاً من غير عقيدة وعلى هذا يحتمل أن يقال وَإِن يَرَوْاْ المراد العلم ليكون أدخل في العناد أي إذا علموا وتيقنوا أن السماء ساقطة غيروا وعاندوا وقالوا هذا سحاب مركوم
المسألة الخامسة قوله تعالى يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ إشارة إلى أنهم حين يعجزون عن التكذيب ولا يمكنهم أن يقولوا لم يقع شيء على الأرض يرجعون إلى التأويل والتخييل وقوله مَّرْكُومٌ أي مركب بعضه على بعض كأنهم يدفعون عن أنفسهم ما يورد عليهم بأن السحاب كالهواء لا يمنع نفوذ الجسم فيه وهذا أقوى مانع فيقولون إنه ركام فصار صلباً قوياً
المسألة السادسة في إسقاط كلمة الإشارة حيث لم يقل يقولوا هذا إشارة إلى وضوح الأمر وظهور العناد فلا يستحسنون أن يأتوا بما لا يبقى معه مراء فيقولون سَحَابٌ مَّرْكُومٌ مع حذف المبتدأ ليبقى للقائل فيه مجال فيقول عند تكذيب الخلق إياهم قلنا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ شبهه ومثله وأن يتمشى الأمر مع عوامهم استمروا وهذا مجال من يخاف من كلام ولا يعلم أنه يقبل منه أو لا يقبل فيجعله ذا وجهين فإن رأى النكر على أحدهما فسّره بالآخرون وإن رأى القبول خرج بمراده
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ
أي إذا تبين أنهم لا يرجعون فدعهم حتى يلاقوا وفيه مسائل
المسألة الأولى فَذَرْهُمْ أمر وكان يجب أن يقال لم يبق للنبي ( ﷺ ) جواز دعائهم إلى الإسلام وليس كذلك والجواب عنه من وجوه أحدها أن هذه الآيات مثل قوله تعالى فَأَعْرَضَ ( النساء ٦٣ ) تَوَلَّ عَنْهُمْ ( الصافات ٧٨ ) إلى غير ذلك كلها منسوخة بآية القتال وهو ضعيف ثانيها ليس المراد الأمر وإنما المراد التهديد كما يقول سيد العبد الجاني لمن ينصحه دعه فإنه سينال وبال جنايته ثالثها أن المراد من يعاند وهو غير معين والنبي ( ﷺ ) كان يدعو الخلق على سبيل العموم ويجوز أن يكون المراد بالخطاب من لم يظهر عناده لا من ظهر عناده فلم يقل الله في حقه فَذَرْهُمْ ويدل على هذا أنه تعالى قال من قبل فَذَكّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَة ِ رَبّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ ( الطور ٢٩ ) وقال ههنا فَذَرْهُمْ فمن يذكرهم هم المشفقون الذين قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ( الطور ٢٦ ) ومن يذرهم الذين قالوا شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ( الطور ٣٠ ) إلى غير ذلك
المسألة الثانية حَتَّى للغاية فيكون كأنه تعالى قال ذرهم إلى ذلك اليوم ولا تكلمهم ثم ذلك اليوم


الصفحة التالية
Icon