جوابه لأن في قوله تعالى وَالَّذِينَ قُتِلُواْ معنى الشرط
سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
إن قرىء قَاتِلُواْ أو قَاتَلُواْ فالهداية محمولة على الآجلة والعاجلة وإن قرىء قَاتِلُواْ فهو الآخرة سَيَهْدِيهِمْ طريق الجنة من غير وقفة من قبورهم إلى موضع حبورهم
وقوله وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ
قد تقدم تفسيره في قوله تعالى إِصْلَاحٍ بَالَهُمْ ( محمد ٢ ) والماضي والمستقبل راجع إلى أن هناك وعدهم ما وعدهم بسبب الإيمان والعمل الصالح وذلك كان واقعاً منهم فأخبر عن الجزاء بصيغة تدل على الوقوع وههنا وعدهم بسبب القتال والقتل فكان في اللفظ ما يدل على الاستقبال لأن قوله تعالى فَإِذَا لَقِيتُمُ ( محمد ٤ ) يدل على الاستقبال فقال وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ثم قال تعالى
وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّة َ عَرَّفَهَا لَهُمْ
وكأن الله تعالى عند حشرهم يهديهم إلى طريق الجنة ويلبسهم في الطريق خلع الكرامة وهو إصلاح البال وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّة َ فهو على ترتيب الوقوع
وأما قوله عَرَّفَهَا لَهُمْ ففيه وجوه أحدها هو أن كل أحد يعرف منزلته ومأواه حتى أن أهل الجنة يكونون أعرف بمنازلهم فيها من أهل الجمعة ينتشرون في الأرض كل أحد يأوي إلى منزله ومنهم من قال الملك الموكل بأعماله يهديه الوجه الثاني عَرَّفَهَا لَهُمْ أي طيبها يقال طعام معرف الوجه الثالث قال الزمخشري يحتمل أن يقال عرفها لهم حددها من عرف الدار وأرفها أي حددها وتحديدها في قوله وَجَنَّة ٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( آل عمران ١٣٣ ) ويحتمل أن يقال المراد هو قوله تعالى وَتِلْكَ الْجَنَّة ُ الَّتِى أُورِثْتُمُوهَا ( الزخرف ٧٢ ) مشيراً إليها معرفاً لهم بأنها هي تلك وفيه وجه آخر وهو أن يقال معناه عَرَّفَهَا لَهُمْ قبل القتل فإن الشهيد قبل وفاته تعرض عليه منزلته في الجنة فيشتاق إليها ووجه ثان معناه وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّة َ ولا حاجة إلى وصفها فإنه تعالى عَرَّفَهَا لَهُمْ مراراً ووصفها ووجه ثالث وهو من باب تعريف الضالة فإن الله تعالى لما قال إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّة َ ( التوبة ١١١ ) فكأنه تعالى قال من يأخذ الجنة ويطلبها بماله أو بنفسه فالذي قتل سمع التعريف وبذل ما طلب منه عليها فأدخلها ثم إنه تعالى لما بيّن ما على القتال من الثواب والأجر وعدهم بالنصر في الدنيا زيادة في الحث ليزداد منهم الإقدام فقال
ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ
وفي نصر الله تعالى وجوه الأول إن تنصروا دين الله وطريقه والثاني إن تنصروا حزب الله وفريقه الثالث المراد نصرة الله حقيقة فنقول النصرة تحقيق مطلوب أحد المتعاديين عند الاجتهاد والأخذ في تحقيق علامته فالشيطان عدو الله يجتهد في