المسألة الرابعة قال ههنا وفي بعض المواضع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وفي بعض المواضع اكتفى بذكر المؤمنين ودخلت المؤمنات فيهم كما في قوله تعالى وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ ( الأحزاب ٤٧ ) وقوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ( المؤمنون ١ ) فما الحكمة فيه نقول في المواضع التي فيها ما يوهم اختصاص المؤمنين بالجزاء الموعود به مع كون المؤمنات يشتركن معهم ذكرهن الله صريحاً وفي المواضع التي ليس فيها ما يوهم ذلك اكتفى بدخولهم في المؤمنين فقوله وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ مع أنه علم من قوله تعالى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّة ً لّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ( سبأ ٢٨ ) العموم لا يوهم خروج المؤمنات عن البشارة وأما ههنا فلما كان قوله تعالى لّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ لفعل سابق وهو إما الأمر بالقتال أو الصبر فيه أو النصر للمؤمنين أو الفتح بأيديهم على ما كان يتوهم لأن إدخال المؤمنين كان للقتال والمرأة لا تقاتل فلا تدخل الجنة الموعود بها صرح الله بذكرهن وكذلك في المنافقات والمشركات والمنافقة والمشركة لم تقاتل فلا تعذب فصرّح الله تعالى بذكرهن وكذلك في قوله تعالى إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ( الأحزاب ٣٥ ) لأن الموضع موضع ذكر النساء وأحوالهن لقوله وَلاَ تَبَرَّجْنَ وَأَقِمْنَ وَءاتِينَ وَأَطِعْنَ ( الأحزاب ٣٣ ) وقوله وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ ( الأحزاب ٣٤ ) فكان ذكرهن هناك أصلاً لكن الرجال لما كان لهم ما للنساء من الأجر العظيم ذكرهم وذكرهن بلفظ مفرد من غير تبعية لما بينا أن الأصل ذكرهن في ذلك الموضع
المسألة الخامسة قال الله تعالى وَيُكَفّرَ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ بعد ذكر الإدخال مع أن تكفير السيئات قبل الإدخال نقول الجواب عنه من وجهين أحدهما الواو لا تقتضي الترتيب الثاني تكفر السيئات والمغفرة وغيرهما من توابع كون المكلف من أهل الجنة فقدم الإدخال في الذكر بمعنى أنه من أهل الجنة الثالث وهو أن التكفير يكون بإلباس خلع الكرامة وهي في الجنة وكان الإنسان في الجنة تزال عنه قبائح البشرية الجرمية كالفضلات والمعنوية كالغضب والشهوة وهو التكفير وتثبت فيه الصفات الملكية وهي أشرف أنواع الخلع وقوله تعالى وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً فيه وجهان أحدهما مشهور وهو أن الإدخال والتكفير في الله فوز عظيم يقال عندي هذا الأمر على هذا الوجه أي في اعتقادي وثانيهما أغرب منه وأقرب منه عقلاً وهو أن يجعل عند الله كالوصف لذلك كأنه تعالى يقول ذلك عند الله أي بشرط أن يكون عند الله تعالى ويوصف أن يكون عند الله فوز عظيم حتى أن دخول الجنة لو لم يكن فيه قرب من الله بالعندية لما كان فوزاً
وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَة ُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ والأرض وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً


الصفحة التالية
Icon