أيديكم لئلا تطئوا فكيف يكون لشيء آخر نقول الجواب عنه من وجهين أحدهما أن نقول كف أيديكم لئلا تطئوا لتدخلوا كما يقال أطعمته ليشبع ليغفر الله لي أي الإطعام للشابع كان ليغفر الثاني هو أنا بينا أن لولا جوابه ما دل عليه قوله هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فيكون كأنه قال هم الذين كفروا واستحقوا التعجل في إهلاكهم ولولا رجال لعجل بهم ولكن كف أيديكم ليدخل ثانيها أن يقال فعل ما فعل ليدخل لأن هناك أفعالاً من الألطاف والهداية وغيرهما وقوله لّيُدْخِلَ اللَّهُ فِى رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء ليؤمن منهم من علم الله تعالى أنه يؤمن في تلك السنة أو ليخرج من مكة ويهاجر فيدخلهم في رحمته وقوله تعالى لَوْ تَزَيَّلُواْ أي لو تميزوا والضمير يحتمل أن يقال هو ضمير الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات فإن قيل كيف يصح هذا وقد قلتم بأن جواب لولا محذوف وهو قوله لما كف أو لعجل ولو كان لَوْ تَزَيَّلُواْ راجعاً إلى الرجال لكان لعذبنا جواب لولا نقول وقد قال به الزمخشري فقال لَوْ تَزَيَّلُواْ يتضمن ذكر لولا فيحتمل أن يكون لعذبنا جواب لولا ويحتمل أن يقال هو ضمير من يشاء كأنه قال ليدخل من يشاء في رحمته لو تزيلوا هم وتميزوا وآمنوا لعذبنا الذين كتب الله عليهم أنهم لا يؤمنون وفيه أبحاث
البحث الأول وهو على تقدير نفرضه فالكلام يفيد أن العذاب الأليم اندفع عنهم إما بسبب عدم التزييل أو بسبب وجود الرجال وعلم تقدير وجود الرجال والعذاب الأليم لا يندفع عن الكافر نقول المراد عذاباً عاجلاً بأيديكم يبتدىء بالجنس إذ كانوا غير مقرنين ولا منقلبين إليهم فيظهرون ويقتدرون يكون أليماً
البحث الثاني ما الحكمة في ذكر المؤمنين والمؤمنات مع أن المؤنث يدخل في ذكر المذكر عند الاجتماع قلنا الجواب عنه من وجهين أحدهما ما تقدم يعني أن الموضع موضع وهم اختصاص الرجال بالحكم لأن قوله تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ معناه تهلكوهم والمراد لا تقاتل ولا تقتل فكان المانع وهو وجود الرجال المؤمنين فقال والنساء المؤمنات أيضاً لأن تخريب بيوتهن ويتم أولادهن بسبب رجالهن وطأة شديدة وثانيهما أن في محل الشفقة تعد المواضع لترقيق القلب يقال لمن يعذب شخصاً لا تعذبه وارحم ذله وفقره وضعفه ويقال أولاده وصغاره وأهله الضعفاء العاجزين فكذلك ههنا قال لَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لترقيق قلوب المؤمنات ورضاهم بما جرى من الكف بعد الظفر
إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّة َ حَمِيَّة َ الْجَاهِلِيَّة ِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَة َ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَى ْءٍ عَلِيماً
إِذْ يحتمل أن يكون ظرفاً فلا بد من فعل يقع فيه ويكون عاملاً له ويحتمل أن يكون مفعولاً به فإن قلنا إنه ظرف فالفعل الواقع فيه يحتمل أن يقال هو مذكور ويحتمل أن يقال هو مفهوم غير مذكور فإن قلنا هو مذكور ففيه وجهان أحدهما هو قوله تعالى وَصَدُّوكُمْ ( الفتح ٢٥ ) أي وصدوكم حين جعلوا في قلوبهم الحمية


الصفحة التالية
Icon