بقوله تعالى كَزَرْعٍ كقوله ذَلِكَ الاْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ( الحجر ٦٦ ) وفيه وجه رابع وهو أن يكون ذلك خبراً له مبتدأ محذوف تقديره هذا الظاهر في وجوههم ذلك يقال ظهر في وجهه أثر الضرب فنقول أي والله ذلك أي هذا ذلك الظاهر أو الظاهر الذي تقوله ذلك
وقوله تعالى وَمَثَلُهُمْ فِى الإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَازَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ
أي وصفوا في الكتابين به ومثلوا بذلك وإنما جعلوا كالزرع لأنه أول ما يخرج يكون ضعيفاً وله نمو إلى حد الكمال فكذلك المؤمنون والشطء الفرخ و فَازَرَهُ يحتمل أن يكون المراد أخرج الشطء وآزر الشطء وهو أقوى وأظهر والكلام يتم عند قوله يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ
وقوله تعالى لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ أي تنمية الله ذلك ليغيظ أو يكون الفعل المعلل هو
وقوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أي وعد ليغيظ بهم الكفار يقال رغماً لأنفك أنعم عليه
وقوله تعالى مِنْهُم مَّغْفِرَة ً وَأَجْراً عَظِيماً لبيان الجنس لا للتبعيض ويحتمل أن يقال هو للتبعيض ومعناه ليغيظ الكفار والذين آمنوا من الكفار لهم الأجر العظيم والعظيم والمغفرة قد تقدم مراراً والله تعالى أعلم وههنا لطيفة وهو أنه تعالى قال في حق الراكعين والساجدين إنهم يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ اللَّهِ وقال لهم أجر ولم يقل لهم ما يطلبونه من ذلك الفضل وذلك لأن المؤمن عند العمل لم يلتفت إلى عمله ولم يجعل له أجراً يعتد به فقال لا أبتغي إلا فضلك فإن عملي نزر لا يكون له أجر والله تعالى آتاه ما آتاه من الفضل وسماه أجراً إشارة إلى قبول عمله ووقوعه الموقع وعدم كونه عند الله نزراً لا يستحق عليه المؤمن أجراً وقد علم بما ذكرنا مراراً أن قوله وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لبيان ترتب المغفرة على الإيمان فإن كل مؤمن يغفر له كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ( النساء ٤٨ ) والأجر العظيم على العمل الصالح والله أعلم


الصفحة التالية
Icon