المسألة الخامسة قدم نفي كونها مقطوعة لما أن القطع للموجود والمنع بعد الوجود لأنها توجد أولاً ثم تمنع فإن لم تكن موجودة لا تكون ممنوعة محفوظة فقال لا تقطع فتوجد أبداً ثم إن ذلك الموجود لا يمنع من أحد وهو ظاهر غير أنا نحب أن لا نترك شيئاً مما يخطر بالبال ويكون صحيحاً
ثم قال تعالى
وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَة ٍ
وقد ذكرنا معنى الفرش ونذكر وجهاً آخر فيها إن شاء الله تعالى وأما المرفوعة ففيها ثلاثة أوجه أحدها مرفوعة القدر يقال ثوب رفيع أي عزيز مرتفع القدر والثمن ويدل عليه قوله تعالى عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا ( الرحمن ٥٤ ) وثانيها مرفوعة بعضها فوق بعض ثالثها مرفوعة فوق السرير
ثم قال تعالى
إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً لاًّصْحَابِ الْيَمِينِ
وفي الإنشاء مسائل
المسألة الأولى الضمير في أَنشَأْنَاهُنَّ عائد إلى من فيه ثلاثة أوجه أحدها إلى حُورٌ عِينٌ ( الواقعة ٢٢ ) وهو بعيد لبعدهن ووقوعهن في قصة أخرى ثانيها أن المراد من الفرش النساء والضمير عائد إليهن لقوله تعالى هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ ( البقرة ١٨٧ ) ويقال للجارية صارت فراشاً وإذا صارت فراشاً رفع قدرها بالنسبة إلى جارية لم تصر فراشاً وهو أقرب من الأول لكن يبعد ظاهراً لأن وصفها بالمرفوعة ينبىء عن خلاف ذلك وثالثها أنه عائد إلى معلوم دل عليه فرش لأنه قد علم في الدنيا وفي مواضع من ذكر الآخرة أن في الفرش حظايا تقديره وفي فرش مرفوعة حظايا منشآت وهو مثل ما ذكر في قوله تعالى قَاصِراتُ الطَّرْفِ ( الرحمن ٥٦ ) ومقصورات ( الرحمن ٧٢ ) فهو تعالى أقام الصفة مقام الموصوف ولم يذكر نساء الآخرة بلفظ حقيقي أصلاً وإنما عرفهن بأوصافهن ولباسهن إشارة إلى صونهن وتخدرهن وقوله تعالى مَّرْفُوعَة ٍ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ يحتمل أن يكون المراد الحور فيكون المراد الإنشاء الذي هو الابتداء ويحتمل أن يكون المراد بنات آدم فيكون الإنشاء بمعنى إحياء الإعادة وقوله تعالى أَبْكَاراً يدل على الثاني لأن الإنشاء لو كان بمعنى الابتداء لعلم من كونهن أبكاراً من غير حاجة إلى بيان ولما كان المراد إحياء بنات آدم قال أَبْكَاراً أي نجعلهن أبكاراً وإن متن ثيبات فإن قيل فما الفائدة على الوجه الأول نقول الجواب من وجهين الأول أن الوصف بعدها لا يكون من غيرها إذا كن أزواجهم بين الفائدة لأن البكر في الدنيا لا تكون عارفة بلذة الزوج فلا ترضى بأن تتزوج من رجل لا تعرفه وتختار التزويج بأقرانها ومعارفها لكن أهل الجنة إذا لم يكن من جنس أبناء آدم وتكون الواحدة منهن بكراً لم تر زوجاً ثم تزوجت بغير جنسها فربما يتوهم منها سوء عشرة فقال أَبْكَاراً فلا يوجد فيهن ما يوجد في أبكار الدنيا الثاني المراد أبكاراً بكارة تخالف بكارة الدنيا فإن البكارة لا تعود إلا على بعد وقوله تعالى أَتْرَاباً يحتمل وجوهاً أحدها مستويات في السن فلا تفضل إحداهن على الأخرى بصغر ولا كبر كلهن خلقن في زمان واحد ولا يلحقهن عجز ولا زمانة ولا تغير لون وعلى هذا إن كن من بنات آدم فالفظ فيهن حقيقة وإن كن من غيرهن فمعناه ما كبرن سمين به لأن كلاً منهن تمس وقت مس الأخرى لكن نسي الأصل وجعل عبارة عن ذلك كاللذة للمتساويين من العقلاء فأطلق على حور


الصفحة التالية
Icon