مستبعدين إشارة إلى كون الأمر هيناً ثالثها قوله تعالى لَمَجْمُوعُونَ فإنهم أنكروا قوله لَمَبْعُوثُونَ ( الواقعة ٤٧ ) فقال هو واقع مع أمر زائد وهو أنهم يحشرون ويجمعون في عرصة الحساب وهذا فوق البعث فإن من بقي تحت التراب مدة طويلة ثم حشر ربما لا يكون له قدرة على الحركة وكيف لو كان حياً محبوساً في قبره مدة لتعذرت عليه الحركة ثم إنه تعالى بقدرته يحركه بأسرع حركة ويجمعه بأقوى سير وقوله تعالى لَمَجْمُوعُونَ فوق قول القائل مجموعون كما قلنا إن قول قول القائل إنه يموت في إفادة التوكيد دون قوله إنه ميت رابعها قوله تعالى إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ فإنه يدل على أن الله تعالى يجمعهم في يوم واحد معلوم واجتماع عدد من الأموات لا يعلم عددهم إلا الله تعالى في وقت واحد أعجب من نفس البعث وهذا كقوله تعالى في سورة والصافات فَإِنَّمَا هِى َ زَجْرَة ٌ واحِدَة ٌ ( الصافات ١٩ ) أي أنتم تستبعدون نفس البعث والأعجب من هذا أنه يبعثهم بزجرة واحدة أي صيحة واحدة فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ أي يبعثون مع زيادة أمر وهو فتح أعينهم ونظرهم بخلاف من نعس فإنه إذا انتبه يبقى ساعة ثم ينظر في الأشياء فأمر الإحياء عند الله تعالى أهون من تنبيه نائم خامسها حرف إِلَى أدل على البعث من اللام ولنذكر هذا في جواب سؤال هو أن الله تعالى قال يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ( التغابن ٩ ) وقال هنا لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ولم يقل لميقاتنا وقال وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا ( التغابن ١٤٣ ) نقول لما كان ذكر الجمع جواباً للمنكرين المستبعدين ذكر كلمة إِلَى الدالة على التحرك والانتقال لتكون أدل على فعل غير البعث ولا يجمع هناك قال يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ولا يفهم النشور من نفس الحرف وإن كان يفهم من الكلام ولهذا قال ههنا لَمَجْمُوعُونَ بلفظ التأكيد وقال هناك يَجْمَعُكُمْ وقال ههنا إِلَى مِيقَاتِ وهو مصير الوقت إليه وأما قوله تعالى فَلَمَّا جَآء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا فنقول الموضع هناك لم يكن مطلوب موسى عليه السلام وإنما كان مطلوبه الحضور لأن من وقت له وقت وعين له موضع كانت حركته في الحقيقة لأمر بالتبع إلى أمر وأما هناك فالأمر الأعظم الوقوف في موضعه لا زمانه فقال بكلمة دلالتها على الموضع والمكان أظهر
ثم قال تعالى
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّآلُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لاّكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِأونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ
في تفسير الآيات مسائل
المسألة الأولى الخطاب مع من نقول قال بعض المفسرين مع أهل مكة والظاهر أنه عام مع كل ضال مكذب وقد تقدم مثل هذا في مواضع وهو تمام كلام النبي ( ﷺ ) كأنه تعالى قال لنبيه قل إن الأولين والآخرين لمجموعون ثم إنكم تعذبون بهذه الأنواع من العذاب
المسألة الثانية قال ههنا الضَّالُّونَ الْمُكَذّبُونَ بتقديم الضال وقال في آخر السورة وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذّبِينَ الضَّالّينَ ( الواقعة ٩٢ ) بتقديم المكذبين فهل بينهما فرق قلت نعم وذلك أن المراد من الضالين ههنا هم الذين صدر منهم الإصرار على الحنث العظيم فضلوا في سبيل الله ولم يصلوا إليه ولم


الصفحة التالية
Icon