الآية وتقول لهم الملائكة بشراكم اليوم كما قال وَالمَلَائِكَة ُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ( الرعد ٢٣ ٢٤ )
المسألة الثانية دلت هذه الآية على أن المؤمنين لا ينالهم أهوال يوم القيامة لأنه تعالى بين أن هذه صفتهم يوم القيامة من غير تخصيص
المسألة الثالثة احتج الكعبي على أن الفاسق ليس بمؤمن فقال لو كان مؤمناً لدخل تحت هذه البشارة ولو كان كذلك لقطع بأنه من أهل الجنة ولما لم يكن كذلك ثبت أنه ليس بمؤمن والجواب أن الفاسق قاطع بأنه من أهل الجنة لأنه إما أن لا يدخل النار أو إن دخلها لكنه سيخرج منها وسيدخل الجنة ويبقى فيها أبد الآباد فهو إذن قاطع بأنه من أهل الجنة فسقط هذا الاستدلال
المسألة الرابعة قوله ذالِكَ عائد إلى جميع ما تقدم وهو النور والبشرى بالجنات المخلدة
المسألة الخامسة قرىء ( ذلك الفوز ) بإسقاط كلمة هو
واعلم أنه تعالى لما شرح حال المؤمنين في موقف القيامة أتبع ذلك بشرح حال المنافقين فقال
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَة ُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ
قوله يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَاءكُمْ لَّكُمْ نُوراً وفيه مسائل
المسألة الأولى يَوْمَ يَقُولُ بدل من يَوْمَ تَرَى ( الحديد ١٢ ) أو هو أيضاً منصوب باذكر تقديراً
المسألة الثانية قرأ حمزة وحده ( أنظرونا ) مكسورة الظاء والباقون ( أنظروا ) قال أبو علي الفارسي لفظ النظر يستعمل على ضروب أحدها أن تريد به نظرت إلى الشيء فيحذف الجار ويوصل الفعل كما أنشد أبو الحسن ظاهرات الجمال والحسن ينظرن
كما ينظر الأراك الظباء
والمعنى ينظرن إلى الأراك وثانيها أن تريد به تأملت وتدبرت ومنه قولك إذهب فانظر زيداً أيؤمن فهذا يراد به التأمل ومنه قوله تعالى انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الاْمْثَالَ ( الأسراء ٤٨ ) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ ( النساء ٥٠ ) انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ( الإسراء ٢١ ) قال وقد يتعدى هذا بإلى كقوله أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ( الغاشية ١٧ ) وهذا نص على التأمل وبين وجه الحكمة فيه وقد يتعدى بفي كقوله أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( الأعراف ١٨٥ ) وَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِى أَنفُسِهِمْ ( الروم ٨ ) وثالثها أن يراد بالنظر الرؤية كما في قوله ولما بدا حوران والآل دونه
نظرت فلم تنظر بعينك منظراً
والمعنى نظرت فلم تر بعينك منظراً تعرفه في الآل قال إلا أن هذا على سبيل المجاز لأنه دلت الدلائل على أن النظر عبارة عن تقلب الحدقة نحو المرئي التماساً لرؤيته فلما كانت الرؤية من توابع النظر ولوازمه غالباً أجرى على الرؤية لفظ النظر على سبيل إطلاق اسم السبب على المسبب قال ويجوز أن يكون قوله نظرت فلم تنظر كما يقال تكلمت وما تكلمت أي ما تكلمت بكلام مفيد فكذا هنا نظرت وما نظرت


الصفحة التالية
Icon