المسألة الثانية قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك رحمهم الله لا يصح ظهار المرأة من زوجها وهو أن تقول المرأة لزوجها أنت علي كظهر أمي وقال الأزواعي هو يمين تكفرها وهذا خطأ لأن الرجل لا يلزمه بذلك كفارة يمين وهو الأصل فكيف يلزم المرأة ذلك ولأن الظهار يوجب تحريماً بالقول والمرأة لا تملك ذلك بدليل أنها لا تملك الطلاق
المسألة الثالثة قال الشافعي وأبو حنيفة إذا قال أنت علي كظهر أمي اليوم بطل الظهار بمضي اليوم وقال مالك وابن أبي ليلى هو مظاهر أبداً لنا أن التحريم الحاصل بالظهار قابل للتوقيت وإلا لما انحل بالتفكير وإذا كان قابلاً للتوقيت فإذا وقته وجب أن يتقدر بحسب ذلك التوقيت قياساً على اليمين فهذا ما يتعلق من المسائل بقوله تعالى الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ أما قوله تعالى مِن نّسَائِهِمْ فيتعلق به أحكام المظاهر منه واختلفوا في أنه هل يصح الظهار عن الأمة فقال أبو حنيفة والشافعي لا يصح وقال مالك والأوزاعي يصح حجة الشافعي أن الحل كان ثابتاً والتكفير لم يكن واجباً والأصل في الثابت البقاء والآية لا تتناول هذه الصورة لأن قوله وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ( المجادلة ٣ ) يتناول الحرائر دون الإماء والدليل عليه قوله أَوْ نِسَائِهِنَّ ( النور ٣١ ) والمفهوم منه الحرائر ولولا ذلك لما صح عطف قوله أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ لأن الشيء لا يعطف على نفسه وقال تعالى وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ( النساء ٢٣ ) فكان ذلك على الزوجات دون ملك اليمين
المسألة الرابعة فيما يتعلق بهذه الآية من القراءات قال أبو علي قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ بغير الألف وقرأ عاصم يُظَاهِرُونَ بضم الياء وتخفيف الظاء والألف وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي يظاهرون بفتح الياء وبالألف مشددة الظاء قال أبو علي ظاهر من امرأته ظهر مثل ضاعف وضعف وتدخل التاء على كل واحد منهما فيصير تظاهر وتظهر ويدخل حرف المضارعة فيصير يتظاهر ويتظهر ثم تدغم التاء في الظاء لمقاربتها لها فيصير يظاهر ويظهر وتفتح الياء التي هي حرف المضارعة لأنها للمطاوعة كما يفتحها في يتدحرج الذي هو مطاوع دحرجته فتدحرج وإنما فتح الياء في يظاهر ويظهر لأنه المطاوع كما أن يتدحرج كذلك ولأنه على وزنهما وإن لم يكونا للإلحاق وأما قراءة عاصم يظاهرون فهو مشتق من ظاهر يظاهر إذا أتى بمثل هذا التصرف
المسألة الخامسة لفظة مّنكُمْ في قوله الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ توبيخ للعرب وتهجين لعادتهم في الظهار لأنه كان من أيمان أهل الجاهلية خاصة دون سائر الأمم وقوله تعالى مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ فيه مسألتان
المسألة الأولى قرأ عاصم في رواية المفضل أُمَّهَاتِهِمْ بالرفع والباقون بالنصب على لفظ الخفض وجه الرفع أنه لغة تميم قال سيبويه وهو أقيس الوجهين وذلك أن النفي كالاستفهام فكما لا يغير الاستفهام الكلام عما كان عليه فكذا ينبغي أن لا يغير النفي الكلام عما كان عليه ووجه النصب أنه لغة أهل الحجاز والأخذ في التنزيل بلغتهم أولى وعليها جاء قوله مَا هَاذَا بَشَرًا ( يوسف ٣١ ) ووجهه من القياس أن ما تشبه ليس في أمرين أحدهما أن ( ما ) تدخل على المبتدأ والخبر كما أن ( ليس ) تدخل عليهما والثاني أن ( ما ) تنفي ما في الحال كما أن ( ليس ) تنفي ما في الحال وإذا حصلت المشابهة من وجهين وجب حصول المساواة في سائر الأحكام إلا ما خص بالدليل قياساً على باب مالا ينصرف
المسألة الثانية في الآية إشكال وهو أن من قال لامرأته أنت علي كظهر أمي فهو شبه الزوجة


الصفحة التالية
Icon